المقالات و التقارير > الرئيس ام قائد المخابرات: من سينتصر في الجزائر؟

الرئيس ام قائد المخابرات: من سينتصر في الجزائر؟

وصف نائب في البرلمان الجزائري تصريحات الأمين العام لجبهة التحرير الوطنية الجزائرية عمار سعداني ضد رئيس جهاز الاستخبارات الفريق محمد مدين (المشهور باسم الجنرال توفيق) بـ’الغارة الانتحارية’ وتوقع أن يدفع سعداني ثمن تصريحاته.
وكان سعداني قد طالب جنرال المخابرات بالاستقالة واتهمه بـ’التقصير’ في حماية البلد والتدخل في كل مفاصل الدولة، وقيادة الانقلابات داخل الأحزاب السياسية وبفبركة قضايا فساد ‘ضد أشخاص مقربين من الرئيس بوتفليقة’… والنقطة الأخيرة هي ‘زبدة الكلام’ في تصريحات سعداني كونها تكشف موقف رجل المخابرات المناهض لرغبة أنصار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ترشيحه لولاية رابعة.
لابد ان سعداني ما كان ليتجرأ على اتهاماته لرجل المخابرات والعس كر القوي لولا استقواؤه بسلطات الرئيس الجزائري التي حاول مراكمتها ضمن الحكومة والجيش والأمن وقيادة جبهة التحرير وذلك بعد عودته من غيبوبته الطويلة إثر جلطته الدماغية قبل عشرة أشهر.
غير أن هذه المراكمة والتعديلات التي أجراها بوتفليقة لم تفلح، على ما يبدو، في زعزعة القبضة القوية لقائد الاستخبارات، من جهة، كما أنها كشفت تهلهل شعبية بوتفليقة وتحالف مؤيديه داخل الأجهزة النافذة في الحكم الجزائري.
فكل هذه السلطات الممسوكة بين يدي الرئيس لا تعني شيئاً إن كان بوتفليقة نفسه لم يعد قادراً صحيّا على ممارسة مهامه، وهي حقيقة دفعت ضابط المخابرات السابق محمد المخلوفي في تصريح لـ’القدس العربي’ لتحدّي الرئيس قائلا: ‘اذا كان قادرا مثلما يروج له أنصاره، الذين يقولون بان عقله أفضل من عقل كل الجزائريين، فليعقد مؤتمراً صحافيا، أو يلقي خطاباً للأمة، وإذا كان عاجزاً فليعد إلى بيته، لأن الجزائر فوق كل اعتبار’.
وبعد أن دعم المكتب السياسي لجبهة التحرير موقف سعداني ادلهمّت عاصفة كبيرة ضده حتى بين أعضاء جبهة التحرير أنفسهم، حيث شهد أحد اجتماعاتها مواجهات ‘عنيفة’ بين مؤيدي سعداني ومعارضيه، وهو ما قد يصل قريباً إلى اللجنة المركزية للجبهة التي يمكن، بناء على توازنات القوى الجديدة، أن تقيله وتنتخب أميناً عاماً جديداً لحزب الأغلبية.
يعكس الصراع الحالي المتبلور بين الرئيس والجنرال استعصاء على قمّة السلطة الجزائرية ويدلّ على مأزق الدكتاتورية التي لا تستطيع غير إعادة إنتاج نفسها للحفاظ على المصالح والامتيازات والمواقع، وتضييق الهامش للمعارضة الديمقراطية بحيث يقتصر النزاع السياسي على الآلة الدكتاتورية نفسها التي أنتجت الرئيس كما أنتجت الجنرال.
واذا كان المتدخلون في النزاع جنرالات أو سياسيين محترفين يتبعون هذا الطرف أو ذاك، فان صعود شعبية الجنرال، وهو عجوز مثله مثل بوتفليقة (73 عاماً)، في وسائل الإعلام، دليل على حالة يأس وملل من عقم بوتفليقة وتحالفه السياسي الذي يريد أن يدفن الجزائر مع رئيسها العاجز صحّياً، ورغبة في قدوم أي شخص كان بدلاً من الرئيس الحالي، فالتغيير الشكليّ أفضل من انعدام التغيير.
يأتي هذا النزاع السياسي فيما تتفاقم مشاكل الجزائر الاقتصادية والاجتماعية، فتشهد منطقة غرداية تفاقما في الصراع الطائفي والإثني، ويستمر، حسب قول محافظ مصرف الجزائر السابق، عبد الرحمن حاج ناصر، طغيان الفساد المالي، الذي يسيء ويهدر الثروات الوطنية الكبيرة للبلاد، وتحوّل جبهة التحرير الوطني، إلى واجهة مدنية للجيش بحيث تحوّلت، على حسب قوله، إلى شرطة سياسية تقود الشعب بالاخضاع والتخويف.
الجزائر، كأغلب نظيراتها العربيّات، تحوّلت الى ملحق لمؤسسة الجيش وأداتها الأمنية، وهي معادلة بدأت الثورات العربية عملية طويلة لتغييرها، كاشفة بذلك الفوات التاريخي الكبير للعرب.

القدس العربي


Navigate through the articles
Previous article مؤامرة ‘تفليل’ السيسي 2014 عام النصرة Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع