هناك زحمة في الأخبار والموضوعات التي
امتلأت بها صفحات الأمس 17 فبراير/شباط ومنها الحادث الإرهابي في محافظة جنوب سيناء
قرب منفذ طابا على الحدود مع إسرائيل، بتفجير أتوبيس يحمل سائحين من كوريا الجنوبية
ومقتل اثنين منهم والسائق المصري، علما بان هذه المحافظة بدأت تشهد انتعاشا في
السياحة.
وذكرت الصحف اعلان هيئة الدفاع عن الرئيس السابق محمد مرسي وآخرين في قضية التخابر
ويرأسها القانوني والمفكر الإسلامي صديقنا الدكتور محمد سليم العوا انسحابه، إذا لم
تأمر محكمة الجنايات بإزالة القفص الزجاجي، لأنه يمنع تواصل المتهمين مع موكليهم
وما يدور في القاعة، فرفض رئيس المحكمة وأمر بتأجيل الجلسة إلى الثالث والعشرين من
الشهر الحالي، والطلب من نقابة المحامين انتداب عشرة محامين للدفاع عن المتهمين، في
حالة امتناع هيئة الدفاع عن ممارسة عملها. وأكد أساتذة قانون ان قانون الإجراءات
الجنائية في مصر لا يحدد شكل القفص الذي يقف داخله المتهمون أثناء الجلسات، وكل ما
أشترطه ألا يتم تقييد أيديهم أو أرجلهم، ويتم السماح لهم بالجلوس في القاعة،
وبالتالي فإن القفص الزجاجي لا يمنع المتهمين من سماع ما يدور أو الاتصال مع
محاميهم وطلب التعقيب، وأنه تم التأكد من أنهم جميعا يسمعون ما يدور.
كما نشرت الصحف عن قتل الشرطي المتهم الرئيسي في ارتكاب مجزرة نقطة شرطة كرداسة
التي راح ضحيتها المأمور ونائبه وأحد عشر ضابطا وجنديا تم ذبحهم، والمتهم هو محمد
رشيدة، أثناء محاولته مع آخر الهروب من كمين للشرطة. وأصدرت محكمة جنايات الأحداث
في الإسكندرية حكما بالسجن خمس عشرة سنة على الحديثين اللذان القيا الطفلة زينة من
سطح العمارة في المنور بعد فشلهما في اغتصابها والحكم هو الأقصى بالنسبة للحدث.
وذكرت الصحف ايضا تأكيد بعثة المجلس القومي لحقوق الإنسان التي زارت سجن طرة، حسن
معاملة علاء عبد الفتاح وأحمد ماهر وأحمد دومة. وأكد المكتب الإعلامي لحملة الفريق
سامي عنان أنة قرر الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية ..
كما اشارت الصحف ايضا الى بدء تحسن الجو بعد موجة برد وأمطار استمرت يومين والى بعض
مما عندنا:
تشكيل حزب سياسي سوف
يعزل الرئيس عن باقي قوى الشعب
ونبدأ تقريرنا بأبرز الأفعال على تقدم زميلنا وصديقنا حمدين صباحي بالترشح لرئاسة
الجمهورية لمنافسة السيسي، وافتتح السباق يوم السبت زميلنا وصديقنا نقيب الصحافيين
الأسبق مكرم محمد أحمد بقوله في عموده اليومي في ‘الأهرام’ (نقطة نور): ‘المدهش أن
معظم الذين يتحدثون عن غياب الظهير السياسي هم من جماعة الناصريين التي تعرف جيدا
ان كل الانجازات الكبرى التي حققها جمال عبد الناصر تمت في الأغلب اعتمادا على
شعبيته الواسعة التي كانت سنده الأول والأخير في مقاومة خصومه، بل وجماعته من أعضاء
مجلس الثورة، عندما طلبوا منه في خضم العدوان الثلاثي أن يسلم نفسه للسفارة
البريطانية لأن البريطانيين لا يريدون من عدوانهم على مصر سوى عبد الناصر، لكن خروج
الشعب المصري العظيم في أعقاب خطبته من فوق منبر الأزهر هو الذي قطع دابر هذا
التآمر ورفع مكانة عبد الناصر إلى مستوى الزعيم واعطاه فرصة أن يحول الهزيمة إلى
نصر كبير ترددت أصداؤه في العالم أجمع ليصبح رمزا لحركة التحرر الوطني. وأظن أن
الجميع يعرف أن المساندة الشعبية العارمة هي التي مكنت عبد الناصر من إنجاز معظم
مشروعاته الكبرى، وإن كل محاولاته من أجل تشكيل ظهير سياسي ابتداء من هيئة التحرير
إلى الاتحاد القومي إلى الاتحاد الاشتراكي لم تحقق النجاح المأمول وكانت في كثير من
الأحيان عبئا على الرجل، وفي الأغلب فانها تنفض وتذروها الريح عند اول متغير سياسي
كبير يطرأ على طبيعة الحكم، ولهذه الأسباب لا ينبغي للمشير السيسي أن يشكل حزبا
سياسيا سوف يكون بالضرورة قيدا على الرئيس يعزله عن باقي قوى الشعب، ولن يصلح ظهيرا
سياسيا في أي مجابهة وربما يكون أصلح الخيارات لفترة رئاسته إقامة نموذج لحكم عادل
رشيد يلتزم أحكام الدستور ويضع الأسس الراسخة لدولة قانونية مدنية تستطيع أن تحشد
قواها لمواجهة مشكلاتها الضخمة والمصالحة مع الشباب’.
عدم الأخذ بتعدد الأحزاب
في عهد عبد الناصر كان خطأ
هذا ما كتبه مكرم ولم أصدق في البداية ما قرأته نظرا لغرابته، لأن معناه ليس أن
يلغي السيسي بعد انتخابه الأحزاب السياسية، أو لا يعترف بها، وإنما يرفض حتى إقامة
حزب أو تنظيم سياسي يستند إليه، وأن يرفض وجود مجلس نيابي ويلغي الدستور ويحكم
مباشرة هو ومن يختارهم، فهذا هو المعنى الوحيد لنصيحته له ألا يستمع للناصريين في
أن يكون له ظهير سياسي أو أي حزب يحكم بواسطته، لأن خالد الذكر حكم اعتمادا على
مساندة شعبية لا تنظيم، بل ان التنظيمات التي أنشأها كانت عبئا عليه وفشلت. فإذا لم
يحكم السيسي في حالة فوزه اعتمادا على حزب سياسي فلماذا ستدخل الأحزاب السياسية
انتخابات مجلس النواب القادمة أو سيكلف السيسي حسب الدستور الحزب صاحب الأغلبية
بتشكيل الوزارة أو صاحب الأكثرية، أي الحاصل على أكثر من خمسين في المئة بتشكيلها
بتحالف مع أحزاب أخرى، هل سيتجاهل تركيبة مجلس النواب التي انتخبها الشعب ويأتي
بوزارة لا تحظى بموافقة وتأييد أغلبية المجلس، وما هي الحجة التي سوف يقولها للشعب
والعالم؟ ان الذين انتخبوه لشخصه أكثر عددا من الذين انتخبوا الأحزاب، وبالتالي من
حقه أن يحكم استنادا اليهم؟ أم سيشكل وزارة لا تقدم برنامجها لمجلس النواب لتحصل
على موافقته؟ هذا أمر في غاية الغرابة لأنه في عز جماهيرية عبد الناصر، كان تنظيمه
السياسي له مجلس امة، ثم تغير اسمهم إلى مجلس الشعب ويتم تشكيله بعد انتخابات عامة
ويوافق على تشكيل الحكومة ومناقشة الوزراء والموافقة على القوانين، رغم ان العملية
محصورة في تنظيم واحد أي زيتنا في دقيقنا. وحتى في هذه المراحل كان موضوع العودة
إلى تعدد الأحزاب مطروحا وناقشه على الهواء مباشرة خالد الذكر مع الكاتب المرحوم
خالد محمد خالد عام 1962 أثناء جلسات المؤتمر الوطني الذي تشكل بعد انفصال سوريا عن
مصر 1961، وظهرت آراء بإنشاء حزبين وصرح بعدها خالد الذكر بأنه يمكن مستقبلا النظر
في تعدد الأحزاب، ومع ذلك فإن عدم الأخذ بتعدد الأحزاب في عهده كان خطأ، خاصة أنه
كان يمكن البدء في التجربة من جديد بعد فشل العدوان الثلاثي على مصر عام 1956
وارتفاع شعبيته الى عنان السماء، بالإضافة إلى أنه كان له توجه اشتراكي وفي نفس
الوقت جمع في تنظيمه السياسي رأسمالية وطنية وكان لها أمانة خاصة داخل التنظيمات،
أي جمع بين المقيدين في حزب واحد بينما الأصل أن يكون لكل منهما حزب منفصل يعبر عن
مصالحه الطبقية. والآن وبعد كل هذا النضال ضد أنظمة السادات ومبارك والإخوان لإقامة
ديمقراطية حقيقية يأتي مكرم لينصح السيسي بان يحكم بدون حزب أو تنظيم، ولا أعرف
لماذا لم ينصحه بأن يكرر تجربة شارل ديغول في فرنسا الذي جاء به الفرنسيون لشعبيته
فحكم استنادا إلى تنظيم جديد استمر من بعده بدلا من حساسيته نحو التعددية الحزبية.
مؤيدو صباحي من حقهم أن يعرفوا
قوتهم التصويتية الحقيقية
ونغادر ‘الأهرام’ ونتوجه إلى ‘الوطن’ في اليوم نفسه لنستمع بإعجاب الى كلام
الإعلامية جيهان منصور وهي تقول: ‘أقول لمؤيدي سيادة المشير لماذا ترفضون أن تعيش
أرض الكنانة تجربة انتخابات حقيقية متوازنة نفخر بها بين الأمم ولا ينتقدها الغرب
أو يستغلها ضدنا الإخوان، ويجد فيها كل مواطن مصري، من يحمل أفكاره ليمنحه صوته
ولنتصور معنى أن صباحي رفض أن يترشح وخذل طوفان الشباب ماذا تتوقعون رد فعل الشباب؟
خروج في مظاهرات غاضبة، عزوف عن المشاركة في الانتخابات شعور بالإحباط، وفي حال فوز
المشير حينها سيظل عالقا في أذهانهم أنهم ربما لو ترشح صباحي لكان الوضع قد اختلف.
على الجانب الآخر فإن مؤيدي صباحي من حقهم أن يعرفوا قوتهم التصويتية الحقيقية فإذا
كانت نسبتهم كبيرة كما كان في الانتخابات السابقة التي وصلت إلى ما يقرب خمسة
ملايين صوت أو أكثر، أصبح لهم ضمان أنه في الخريطة السياسية القادمة لمستقبل البلاد
كنواة صلبة للمعارضة وربما الجديدة.
في ترشح صباحي الناصري تكريم للمشير الناصري أيضا فكلاهما فخر لمصر، ففي حال حسمها
المشير من الجولة الأولى سيكون قد فاز على خصم قوي عتيد محترم مناضل. ترسخت فكرة
الثورة بمرشحيها فما صباحي إلا معبر عن نضال الشعب ضد مبارك ومرسي والرسالة الأقوى
من ترشح صباحي هي أن مصر لن تعود لأجواء الاستفتاء والبيعة كما أن سقاء الطبل
والزمر يجب أن يكفوا أيديهم عن المشير فهو حتما يرفض هذا النفاق’ .
من سيفوز في الانتخابات
المدني أم العسكري؟
ثم نادانا زميلنا في ‘التحرير’ وائل عبد الفتاح لنقرأ له قوله في الاتجاه نفسه في
اليوم ذاته: ‘دخول حمدين صباحي مربك لأطراف عديدة من بينها حمدين نفسه، فهو يدخل
الحلبة ومعه سابقة أعمال وكتلة تصويتية في الانتخابات التي أتت بمحمد مرسي، كما أنه
ابن تيار ناصري يؤيد ترشح السيسي باعتباره طبعة حديثة من عبد الناصر، أو سيقود تيار
إحياء الناصرية بعد ردة السادات وخليفته مبارك ناصرية ضد ناصرية. هكذا يبدو الصراع
في أحد وجوهه، وضع التيار الناصري بمخزونه الشعبي غير المنظم على المحك نفسه الذي
وضع عليه التيار الإسلامي في انتخابات 2012، أي أنها انتخابات مصيرية ترث فيها
الناصرية موقع الإسلاموية، مع اختلاف التركيبات والتواريخ، وأيضا على أنهما تجربتان
متجذرتان سياسيا في مجتمع ألغيت فيه السياسة، بمعنى آخر الانتخابات القادمة ستكون
اختبارا لنصف المعادلة التي استبدلت بها السياسة بكيانات سلطوية تتبادل سلطتها داخل
وخارج السلطة النصف الناصري أو آخر ما يطرحه موديل الدولة الناصري سيدخل الاختبار
بعد فشل النصف الإسلامي وبعد سنوات عاش فيها الناصري والإسلامي غريبا على السلطة
باختطافها من ورثة صنعوا خلطتهم من فتات هزيمتهم في مواجهة الناصرية، وها هو وريث
ناصري جديد سيتقدم منتصرا في معركة السلطوية.. من سيكون المدني أو العسكري’.
سامي شرف يطلب من
صباحي الاعتذار لروح عبد الناصر
تعرض حمدين يوم الأحد إلى هجوم عنيف من صديقنا العزيز مدير مكتب خالد الذكر
للمعلومات سامي شرف، الذي طالب حمدين بالاعتذار لروح عبد الناصر واتهمه بتفتيت
الحزب العربي الديمقراطي الناصري، في رسالة نشرتها له ‘المصري اليوم’ في باب البريد
نصها: ‘أصبت بصدمة بالغة جراء ما حدث في اجتماع الجمعية العمومية لحركة ‘تمرد’
مؤخرا، من محاولات أنصار السيد حمدين صباحي إفساد اجتماع شباب الثورة الذي حضره
المهندس عبد الحكيم جمال عبد الناصر وقد هالني ما رأيت من انعدام للأخلاقيات
لمعايير العمل العام، ان يصل الأمر بهؤلاء الصبية للتطاول والسب بأحد الألفاظ
للزعيم الخالد جمال عبد الناصر هو فضيحة مخزية تشين كل من شارك فيها. كنت أتوقع أن
يصدر تصريح فوري من السيد حمدين صباحي ينفي فيه على الأقل أنه أوفد هؤلاء الصبية أو
يقول أن هؤلاء لا يمثلون الكرامة ولا التيار الشعبي، ولكن سكوته حتى الان يشير إلى
أن هناك في ما يبدو صفقة تمت بين حمدين صباحي وآخرين سوف تكشفها الأيام القليلة
القادمة لشق الصف الوطني وتفتيت حركة ‘تمرد’ من الداخل، كما فتت السيد حمدين صباحي
في ما مضي الحزب العربي الديمقراطي الناصري، ولكن شباب حركة ‘تمرد’ نجح في إجهاض
هذا المخطط باجتماع الجمعية العمومية لحركة ‘تمرد’. وبحضور ودعم من المهندس عبد
الحكيم جمال عيد الناصر وشباب مؤمن بالتجربة الناصرية سوف تبقى هذه الحركة الشابة
قوية بإذن الله وبإصرار الجماهير العريضة من الشعب المصري من العمال والفلاحين
والمثقفين والرأسمالية الوطنية والجنود، من ضمنهم جماهير المرأة المصرية نصف
المجتمع والشباب الواعد المتمرد لتأييد ترشيح وانتخاب المشير عبد الفتاح السيسي
اعتذر يا حمدين لروح عبد الناصر العظيم ولعائلته وللتيار الناصري وليكن اعتذارك
علنا وفي جميع وسائل الإعلام’ .
فشلنا في استعادة وحدتنا
تحت راية حزب ناصري جديد
وفي الحقيقة فمن الصعب جدا تقبل اتهام سامي لحمدين بوجود صفقة وراء ترشحه، اللهم
إلا إذا كان لدية الدليل عليها، كما يصعب أيضا تقبل اتهامه له بتفتيت الحزب العربي
الديمقراطي الناصري الذي نشأ عام 1993 بحكم قضائي، لأنني كنت شاهدا على كل ما حدث
وطرفا فيه، ورأيت الخيبة التي سحلتنا جميعا وتورطنا فيها وتسببنا بأخطائنا وبظروف
سياسية لا دخل للجميع بها في القضاء على فرصة ظهور حزب ناصري قوي.
ويوم الأحد رأينا في جريدة ‘العربي’ رسما لزميلنا الرسام الكبير حسن فاروق للسيسي
ووراءه مؤيدون له وحمدين وراءه مؤيدون أيضا وبينهما مصر هي أمي ونيلها هو دمي وهي
تقول لهما كلكم أولادي. لقد انفتح جرح فشلنا القديم من جديد بعد أن غمرتنا آمال
استعادة وحدتنا تحت راية حزب جديد جاءته فرصة تاريخية نادرة ليصبح الأقوى والأكثر
شعبية لكن بدأت بوادر عودة خيبتنا مرة أخرى وإنا لله وإنا إليه راجعون .
روسيا لن تتعامل معنا إلا
بوصفنا ‘حافظة نقود’
وننتقل الى جريدة ‘المصريون’ لنتساءل مع الكاتب محمود سلطان عن زيارة السيسي لروسيا
وهل نجحت الزيارة أم لا يقول:’ الكل تكلم عن زيارة المشير عبد الفتاح السيسي
لروسيا، واجمعت الصحف ومنافذ الإعلام الأمني، بأنها كانت ‘ناجحة’.. رغم أنه لا أحد
منها يعرف ـ لا على وجه الدقة أو التقريب ـ أجندة الزيارة وأسبابها وعلام اتفق
الطرفان.
الكلام استند إلى التحليلات والتكهنات، وركزت على ‘الشكل’ ـ مظهره المدني لا
العسكري ـ ممزوجا بكلام آخر يستند إلى قدر من ‘العنجهة الوطنية’ الفارغة، واختراع
‘بطولات’ عن تحدي الإرادة المصرية الجديدة الإدارة الأمريكية.. واستدعاء الخطاب
الناصري المعادي للغرب، في ‘ردة حضارية’ إلى ما قبل وما بعد هزيمة 67.
لا أحد يعرف حتى الآن، نتائج زيارة وزير الدفاع، وما إذا كانت تستهدف الانفتاح على
القوى الدولية الجديدة، أم طلبا للسلاح الذي يقول المصريون بأن واشنطن رفضت تسليمه
لمصر، بعد الإطاحة بمرسي يوم 3 يوليو/تموز 2013.
والحال أن علاقة مصر بروسيا لم تنقطع، وكان هناك مستوى معقول من العلاقات بين
القاهرة وموسكو، رغم العلاقة التي تتجاوز الدفء إلى الأكثر حميمية’ بين الأولى
وواشنطن، منذ اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية ‘كامب ديفيد’.. وذلك لأن مبارك
وقادة الأجهزة الأمنية التابعة للجيش، منذ الستينيات وإلى العقود الثلاثة الأخيرة،
ينتمون ‘علميا’ و’حرفيا’ إلى المدرسة العسكرية الروسية.. فيما’تلقى الجيل الجديد،
من الضباط علومهم العسكرية في الاكاديميات العسكرية الأمريكية، من بينهم القائد
العسكري الأبرز في مصر الآن المشير عبد الفتاح السيسي.. ما يعطي أفضلية أكبر لعلاقة
‘كوبري القبة’ بـ’البنتاغون’، من أية رغبة في إعادة انعاش العلاقات القديمة مع الدب
العسكري الروسي المترهل والأقل كفاءة من نظيره الأمريكي.. ناهيك عن الاتفاقات
الملزمة للطرف المصري، أمام استحقاقات ‘كامب ديفيد’ التي يشكل الغرب ـ وعلى رأسه
الولايات المتحدة الأمريكية ـ الضامن الوحيد له، ولن يسمح بأي إخلال يعرض الاتفاق
للخطر، ما يطرح تساؤلات كثيرة عن مغزى ودلالة ومعنى زيارة المشير السيسي لروسيا.
الكلام في القاهرة، يكاد يجمع، على أنها زيارة بهدف ‘التسليح’، وإذا كان ذلك صحيحا،
فإن ثمة سؤالا آخر، يعكس حجم أزمة الأولويات في رأس الحكومة المدعومة من الجيش،
يتعلق بما إذا كانت مصر، في حالها الراهن، تحتاج إلى السلاح أم إلى السلام، واعادة
الوحدة للمجتمع المصري المنقسم الآن، بشكل ينذر بكارثة، حيث تراجعت أدوات الصراع
السياسي السلمي بين المتصارعين على الشرعية القلقة، لصالح أدوات العنف المميتة ومن
الطرفين. من المعروف أن أسبابا كثيرة اسقطت نظام حكم مرسي.. ولكن أبرزها كانت ‘أزمة
الوقود’.. ومن المتوقع، أن تسقط ‘الأزمة الاقتصادية’ النظام القادم ولو كان على
رأسه السيسي نفسه.
مصر لا تحتاج إلى سلاح.. بقدر حاجتها إلى انقاذ الاقتصاد المتدهور وإلى المصالحة
والسلام الداخلي وحقن دماء المصريين.. والحال في روسيا من بعضه، ولن تتعامل معنا
إلا بوصفنا ‘حافظة نقود’.. وبالتالي فليس عندها ما تقدمه لانقاذ الاقتصاد المصري ..
وليس عندنا ما تطلبه من شرط ‘الدفع مقدما’ قبل أي اتفاق معها.. فعلام كانت
الزيارة؟’
ثلاثة مليارات جنيه حجم
الفساد في مؤسسات قضائية
اما عن حجم الفساد في مؤسسات الدولة فيكتب لنا جمال سلطان رئيس تحرير ‘المصريون’ في
العدد نفسه رأيه يقول:’البيانات الرسمية والتقارير الموثقة التي أعلنها اليوم
المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بالغة الخطورة، وهي أشبه بزلزال
سياسي ومالي، سواء من حجم الفساد في أجهزة الدولة أو من حيث نوعية الجهات المتورطة
في الفساد، ويستحيل في أي بلد في العالم أن تمر هذه الوقائع بدون تحقيقات على أعلى
مستوى، وأنا أتفق مع ما قاله المستشار جنينة من ضرورة تدخل رئاسة الجمهورية بتشكيل
لجان خاصة على شاكلة لجان تقصي حقائق وقائع الثورة، وذلك لأن المؤسسة القضائية هي
إحدى الجهات التي طالتها وقائع الفساد فلا يمكن أن تحقق هي في الوقائع، ولا يمكن أن
تكون الخصم والحكم، والأكثر خطورة في ما قاله جنينة أنه شخصيا تلقى تهديدات من جهات
لم يسمها إذا استمر في كشف الفساد، كما أن بعض أعضاء الجهاز تلقى تهديدات خطيرة أول
أمس من النيابة العامة بعد إشارته إلى وقائع الفساد في ‘الحزام الأخضر’ بالسادس من
أكتوبر والمتورطة فيها النيابة ذاتها، وطالب رئيس الجمهورية بحماية أعضاء الجهاز من
تهديدات الفاسدين، كما قال رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، وهو جهاز سيادي8
أنه اكتشف أن هاتفه النقال خاضع للرقابة من جهة أمنية، وأن تلك الجهة تسرب أحاديثه
ومقابلاته لوسائل إعلام بغرض إحراجه وابتزازه وإجباره على الصمت، وعلى رئيس
الجمهورية أن يتدخل فورا لإثبات أنه يحكم دولة وليست عصابة، لأن هذه الوقائع خطيرة
للغاية…
المستشار جنينة كشف عن أن حجم الفساد في مؤسسات قضائية بلغ ثلاثة مليارات جنيه، كما
وصل حجم الفساد في جهاز مباحث أمن الدولة إلى اثنين ونصف مليار جنيه، وكلا
المؤسستين ترفضان التعاون مع الجهاز، وكشف عن أن وزيرا للداخلية استولى على أراض
كانت مخصصة لإنشاء مدرسة بعد أن تلاعب بقرار التخصيص الصادر لها، وفي إشارة معبرة
ومؤثرة جدا قال المستشار جنينة، وهو قاض كبير سابقا ونائب رئيس محكمة النقض، قال ان
هناك الكثير من الجهات المسؤولة عن مساءلة من يخرق القانون فإذا بها هي من يخترق
القانون، سواء أمنية أو قضائية، مضيفا قوله: من حق الشعب أن يعلم بحجم الفساد
والتغول على المال العام، قائلًا ‘من واجبي أن أحيط الرأي العام بالفساد في ظل غياب
المجالس التشريعية’ .وتحدث رئيس الجهاز المركزي للحسابات بأسف شديد عن إخضاع هاتفه
للمراقبة والتجسس عليه من بعض الجهات الأمنية بدون أي سند من القانون، معتبرا أن
هذه إهانة للدستور الذي استفتى عليه الشعب نفسه ثم تحول إلى حبر على ورق لا أكثر،
مضيفا قوله الحكومة فشلت في أول اختبار لها من خلال انتهاك الأجهزة الأمنية
للخصوصية الشخصية للمواطنين التي نص الدستور على احترامها، مضيفا الحكومة سقطت لعدم
احترامها الحياة الخاصة للمواطن التي نص عليها الدستور، فالحكومة أكدت أن الدستور
مجرد حبر على ورق ..’.
المشاهدون يبتعدون
عن البرامج السياسية
ونخرج من ‘المصريون’ لندخل الى ‘الشروق’ عدد امس ونقرأ ما كتبه لنا الكاتب عماد
الدين حسين عن البرامج التلفزيونية وتوجـــهات المشاهدين يقول:’بعض المواطنين الذين
كانوا متسمرين أمام برامــــج ‘التوك شو’ في المحطات التلفــــزيونية انصرفوا عنها
الآن إلى برامج أو فضائيات أخرى، خصوصا تلك التي تقــــدم أفلاما أجنبـــية كانت أم
محلية بالأبيض والأسود، أو برامج المسابقات الغنــــائية التي صارت موضــــة،
بعــــد أن اجتذبت الناس والإعلانات معا. قبل أيام قرأت تعلـــيقا لزميلة صحافية
على صفحتها على الفيسبوك تقول فيه إن برنامج مسابقات غـــنائية على إحـــدى
الفضائيات العربية الموجهة لمصــــر صار متعتها الوحيدة بعد أن هجرت البرامج
السياسية.
كنت أعتقد أن كلام الزميــــلة مجرد إحباط شخصي، لكنني اكتشفت أنه شعور عام بين عدد
كبير من الزملاء والأصدقاء والمعارف.
ما أقوله ليس استطلاعا علميا دقيقا للرأي العام، لكنه يعبر عن ‘حالة ما’ صارت تنتشر
وتتزايد وسط الكثير من المصريين.
المصريون مدينون لثورة 25 يناير بالكثير. من بين هذا الكثير أنها جعلت غالبية
المواطنين يهتمون بالسياسة بعد أن كادوا يهجرونها ويبتعدون عنها، ولو أنفقت الدولة
مليارات الجنيهات على برامج التوعية السياسية كي تجذب الناس للسياسة ما نجحت بمثل
الطريقة التي وفرتها ثورة 25 يناير. تفاءل المصريون كثيرا، وبعضهم ضحى كثيرا،أعرف
أشخاصا خسروا وظائفهم بسبب الثورة، ولم يكن أحد ليلومهم لو أنهم صاروا خصوما لها،
ورغم ذلك لم يفعلوا وجلسوا أمام شاشات برامج ‘التوك شو’ منتظرين اليوم الذي تهدأ
فيه الأوضاع وتعود إلى طبيعتها، ولم يأت هذا اليوم بعد، فبدأ بعضهم يصاب بالإحباط…
ولذلك يصبح السؤال هو: ما هو الشيء الخطير الذي يدفع مواطنا إلى مقاطعة بعض برامج
التوك شو التي تتحدث عن واقعه ويفضل مشاهدة فيلم قديم، خصوصا إذا كان من بين أبطاله
إسماعيل ياسين وعبدالفتاح القصري وعبدالسلام النابلسي وحسن فايق وتوفيق الدقن؟
الإجابة هى أن المواطن إما أنه ‘قرف’ من هذه البرامج أو يئس منها لأنها صارت تمثل
عبئا عليه وعلى أعصابه. أتمنى أن تكون هذه الحالة غير صحيحة أو حتى مؤقتة لأنها
تستند فقط إلى مجرد مشاهدات أو استنتاجات.
لو صح أن هذه الحالة حقيقية فتلك مشكلة كبرى لأنها تعنى ببساطة أن الناس أصيبوا
باليأس وقرروا العودة إلى حزبهم المفضل والأكبر في كل مصر وهو حزب الكنبة…’.
الخوف من ألا تجد الطيور
أغصانا تستقر فوقها بعد حين
ونبقى في ‘الشروق’ عدد اليوم نفسه ومع الكاتبة نيفين مسعد ومقالها الذي عنونته بـ’
وسع طريق’ تقول:’صار شارع العروبة بمصر الجديدة أوسع، اشتغلت الجرافات الضخمة بهمة
كبيرة على مدار الأيام العشرة الماضية واقتطعت من الحديقة التي تفصل الحارة اليمنى
عن الحارة اليسرى حوالى ثلاثة أمتار من الجانبين. لم يتوقف العمال عن العمل، أشفقت
عليهم وهم يختزلون بأيديهم المساحة الخضراء التي تابعتهم مرارا وهم يلوذون بأشجارها
المتشابكة يرتاحون من عناء العمل في المصالح والمحال المجاورة ويؤدون فريضة الصلاة
فرادى أو جماعة. على أية حال زاد عرض الطريق وصار بمقدور أعداد متزايدة من السيارات
أن تندفع قدما إلى الأمام قبل أن تصل إلى نقطة اختناق عند نفق العروبة ثم كوبري
المطار، هناك تقع السيارات في الفخ وتنتقل من وسع الطريق إلى ضيق منزل النفق أو
مطلع الكوبري فيبلغ التكدس مداه وتصاب الحركة المرورية بالشلل التام. لكن هذا ليس
مهما، المهم هو أن تضخ مزيدا من السيارات في شوارع القاهرة، الزمن هو زمن السيارات،
أما الدراجات البخارية فخطيرة يقودها مجرمون وقناصة، وبالتالي فالحل أن نوقف
استيرادها وكذلك نحد من استيراد قطع غيارها ونفسح المجال لسيارات أكثر فأكثر. وإذا
ما مثلت الدراجات العادية تهديدا مماثلا في المستقبل فستلقى بدورها المصير نفسه.
نحن لا نمنع الجريمة ونستسهل تجريم الأداة. الجَور على المساحات الخضراء بهدف توسيع
الطريق لا يؤدي فقط إلى زيادة الاختناق وتعقيد مشكلة المرور لكنه يؤدي أيضا إلى
مزيد من الضغط على رئة العاصمة التي تستنشق من الأبخرة والعوادم ما يجعلها بين أكثر
المدن تلوثا على مستوى العالم. من وقت ليس بالقصير تخليت عن التعاطي مع المساحات
الخضراء والحدائق باعتبارها ذات وظيفة جمالية تسر النظر وتهدئ الأعصاب، فقدت الحماس
للدفاع عن بهجة الألوان في باقات الزهر عند سيقان الأشجار وازدهارها مع قدوم
الربيع، أصبح ذلك ترفا ليس من حقنا في هذا الزمن الصعب. أدخلنا الأشجار في صراعاتنا
السياسية فأضرم طلاب غاضبون النار فيها بدم بارد، وسمعت السائق الذي كان يمر بي في
طريق العروبة يعلق على تقليص المساحات الخضراء قائلا: معهم حق فهذه الحديقة التي
تتوسط الطريق كانت أعرض مما ينبغي! البعض منا يجترئ على الطبيعة والبعض الآخر
يتعاطف مع الاعتداء عليها…
أختم بلقطة بالغة الدلالة والإيلام في الوقت نفسه، فقبل أيام كنت في حديقة الأطفال
بأحد النوادي الشهيرة عندما طربت لصوت لا ينقطع لزقزقة العصافير، ظننت أن الدنيا ما
زالت بخير قبل أن أكتشف أن هذا الصوت ينبعث من سي دي سُجل عليه تغريد
العصــــافيـــــر في مكان آخر والأرجح في بلد آخر، صحيح أنه مازال في النادي بعض
الأشجار التي يمكن أن تقف الطيور فوق أغصانها وتشدو لكنها تتناقص اليــــوم بعد
الآخر وكل الخوف أن تأتي اللحظة التي لا تجد فيها الطيور أغصانا تستقر فوقها ونكتفي
نحن بتغريدات مسجلة.
القدس العربي
Navigate through the articles | |
اتهام أول رئيس مصري منتخب بسرقة دواجن! | خبير أمني يحذر من تكرار السيناريو الجزائري في تونس |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|