المقالات و التقارير > المطالبة بإعدام كاتب المقال المسيء للرسول تعود للواجهة

المطالبة بإعدام كاتب المقال المسيء للرسول تعود للواجهة

عادت للواجهة من جديد أمس قضية الشاب محمد الشيخ ولد امخيطير الذي كتب قبل ثلاثة أشهر مقالا، هز الساحة الموريتانية، أساء فيه للرسول عليه السلام، حيث طالبت مبادرة شعبية موريتانية تضم عشرات المتشددين في تنفيذ الشريعة، أمس ‘بإعدامه دون تأخير’.
وكان الشاب قد أساء للرسول عليه السلام في ثنايا مقال طرح فيه قضية تهميش شريحته الاجتماعية وهي شريحة ‘لمعلمين’ (الصناع التقليديون)، مقارنا بين ‘معاملة الرسول صلى الله عليه وسلم ليهود الحجاز ومعاملة مجتمع الزوايا الموريتاني لشريحة ‘لمعلمين’ اليوم.
وطالبت المبادرة الشعبية للنصرة في بيان نشرته أمس الثلاثاء وسلمت نسخة منه للقدس العربي ‘بإنزال العقوبة الشرعية اللازمة بحق الكاتب كي يكون عبرة لمن يعتبر’.
واستغرب البيان ‘المماطلة المريبة التي تمارسها السلطة القضائية عبر رفضها حتى اللحظة تحريك ملف المسيء وبرمجة محاكمته.’
وأشارت المبادرة إلى ‘أنها بصدد إطلاق حملة اتصالات بالمنظمات الدولية لحقوق الإنسان لوضعها في صورة الجريمة الشنيعة التي قام بها المسيء وإزالة أي لبس قد يكون لدى هذه المنظمات حول الأمر’.
وطالبت ‘بإدانة الجريمة التي قام بها المسيء لكونها تشكل انتهاكا و إساءة متعمدة لدين وعقيدة ومشاعر ووجدان الشعب الموريتاني المسلم الذي يشكل الدين الإسلامي عنصر الوحدة الرئيسي له ‘.
وشددت المبادرة على ضرورة ‘القيام ‘بحملة أمنية شاملة ضد الشبكات الإلحادية الخبيثة التي تسعى لزرع الفتنة في المجتمع وملاحقة جميع من يتعاطف مع هذه الشبكات الإجرامية ويدعمها سرا أو جهرا.’
وأكدت على ‘أنها لن تتأثر أبدا بموجة التضييق على الحراك الشعبي التي بدأت السلطات تطبيقها بعد حادثة تدنيس المصاحف بنواكشوط، و أنها في ذلك الإطار ستواصل النضال والعمل السلمي من أجل تحقيق جميع أهدافها العادلة والمحقة’.
وفي مقابل هذا البيان، انتقدت منظمات حقوقية موريتانية تضم جمعيات رابطة النساء معيلات الأسر والرابطة الموريتانية لحقوق الإنسان وضمير ومقاومة ونجدة العبيد، المطالبة بإعدام الشاب ولد امخيطير، مؤكدة عدم تبنيها لآرائه وطروحاته.
ونشرت هذه الجمعيات عريضة انتقدت فيها ما أسمته ‘حملات اصطياد السحرة التي تنظمها الحركات الإسلاموية’.
وتحدثت العريضة عن جريمة المس بمقام النبوة والإساة الى الرسول التي اقترفها الكاتب ولد امخيطير، مؤكدة أنها تكيف طبقا للمادة 306 من مدونة الجنايات والتي تنص فقرتها الثانية على أن كل مسلم مدان بجريمة الردة قولا أو فعلا ظاهرا و بديهيا يستتاب في أجل ثلاثة ايام إن لم يتب في هذا الأجل حكم عليه بالإعدام كمرتد وتصادر جميع ممتلكاته لصالح الخزينة العامة, أما إن تاب قبل تنفيذ الحكم فيه يلتمس الادعاء إعادة تأهيله بكامل حقوقه دون ان يرفع ذلك عنه العقوبة التأديبية المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة’.
وإلى جانب الضغوط التي يمارسها المطالبون بقتل الشاب للتعجيل بقتله حدا، يتعرض أهل زوجته لضغوط من رجال الدين لإجبارهم على فصله عن زوجته باعتبار بطلان زواجهما جراء جرم الردة.
وأهدر أحد رجال الأعمال الموريتانيين في إحدى التظاهرات بنواذيبو دم الكاتب ولد لمخيطير، مقدما مبلغ عشرة آلاف أورو لمن يقتله. هذا واحتدم في خضم هذه المواقف نقاش فقهي حول أحكام الردة في الشرع الإسلامي.
وكان أبرز ما نشر في هذا الصدد مقال للمفكر الإسلامي المجدد محمد المختار الشنقيطي بعنوان ‘ التطاول على مقام النبوَّة..بين كسْب الألباب وقطْع الرقاب’، ورد للفقيد محمد بن بتار بعنوان ‘ ملاحظات على تغريدات الشنقيطي في شأن المرتد’.
وذهب المفكر مختار الشنقيطي في مقاله إلى أن ‘البلسم الشافي هو المنهاج النبوي في التعامل مع المرتدين والطاعنين في مقام النبوة، وهو منهاج يعتمد الإقناع لا الإكراه، ويتوخى الحكمة وينظر إلى المآلات، لكنه منهاج يكاد يتلاشى من حياة المسلمين اليوم بسبب طغيان ثقافة الإكراه في مجتمعاتنا على حساب ثقافة الإقناع′.
وأكد الشنقيطي على أن ‘أسوأ رسالة يوجهها المسلمون إلى العالم اليوم من منظور السياسة الشرعية- هي قتل المرتد أو المتطاول على مقام النبوة، لما في ذلك من الإيحاء بأن الناس متمسكون بالإسلام خوفا من قطع رقابهم، لا اقتناعا بأنه دين الحق’.
وتوصل الفقيه الشيخ ولد بتار لخلاصة مفادها ‘أن المرتد إذا كانت ردته بالإساءة إلى نبي مجمع على نبوته يقتل فورا سواء كان رجلا او أمرأة إجماعا ولا تقبل توبته عند الإمام مالك رضي الله عنه، وإذا كانت ردته بغير ذلك يسجن ويستتاب فإن تاب أفرج عنه وإن لم يتب فإن كان رجلا قتل إجماعا وإن كان أمرأة قتلت عند الجمهور’.
وحذر المفكرين من تقطيع النصوص قائلا ‘وليعلم المفكرون أن تقطيع النصوص الشرعية حسب الهوى و تجريدها من سياقاتها التي تدل على المقصود منها لم يكن ولن يكون مقبولا أبدا’.
وتوجد السلطات التنفيذية والقضائية الموريتانية لحرج كبير إزاء هذه القضية حيث يطالب الكثيرون على المستوى الداخلي بإعدام هذا الشاب فيما تعارض أوساط غربية على المستوى الخارجي، حكم الإعدام أحرى إن كان بسبب ما قد يعتبره المتحررون مجرد رأي خاص.

القدس العربي


Navigate through the articles
Previous article صرخة السيسي لشعب مصر العظيم ‘السيدة الأولى’ و’الجميلة والمغامر’: مسلسلان عن زوجتي مبارك وبن علي Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع