المقالات و التقارير > مستقبل الجزائر في الميزان

مستقبل الجزائر في الميزان

غدا يقرر الجزائريون وهم يتوجهون للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية في أي اتجاه يمكنهم أخذ البلاد بشرط واحد فقط ألا تتلاعب أي جهة بنتائج هذه الإرادة الشعبية. وإذا ما سلمنا بما قاله علي بن فليس المرشح الرئاسي الأقوى في مواجهة بوتفليقة من أن ’75 ‘ من الشعب الجزائري لن يقبل هذه المرة بالتزوير وبأن يُغرر به’، فإن ذلك يدعو مبدئيا إلى الاطمئنان، خاصة أن ‘الجيل الجديد، الذي لا تعرفه السلطة المتمسكة بالحكم وبنظام شاخ وعجز، يريد للشعب تغييرا سلميا ولن يقبل بأن يتم اغتصاب إرادة هذا الشعب’ كما يضيف بن فليس نفسه في مقابلة تلفزيونية قبل يومين.
لا أحد يدري على أي أسس واقعية بنى بن فليس توسم الخير هذا ولكن في كل الأحوال الدفع بهذا الإحساس الإيجابي المشجع يظل أفضل بلا شك من إشاعة الإحباط أوالتسليم المستكين بقدر التزوير. هذا التفاؤل من بن فليس، وحتى تبشيره بـــــــــ ‘مفاجأة’ ستأتي بها الانتخابات، يكتسب قيمة أكبر لأنه يأتي من مرشح سبق له أن ذاق مرارة خسارة المنافسة الرئاسية أمام بوتفليقة نفسه في انتخابات 2004 . مع ذلك فهواليوم يقول إنه لم يخسر في تلك الانتخابات كما أن بوتفليقة لم يكن هومن فاز بها بل ‘الفائز في تلك الانتخابات كان التزوير والخاسر هي الديمقراطية، لكن هذه المرة الشعب الجزائري تغير وتطور وهوعلى علم بكل شيء والرياح التي تهب هي رياح الديمقراطية والشعب الجزائري يريد هذه الديمقراطية التي حُرم منها طوال سنوات’.
بين التفاؤل والسذاجة قد لا توجد أحيانا فوارق كبيرة. وفي الحالة الجزائرية لا بد من قدر كبير من التفاؤل بأن الانتخابات ستجري بكامل الشفافية على ألا يصل ذلك درجة السذاجة التي قد تقود إلى تضليل كبير وبالتالي إلى غضب أكبر. اشتهر الجزائريون بأنفة عالية جدا، وهذا ‘النيف’ كما يسمونه في اللهجة المحلية، مع الحرص الشديد كذلك على تجنب ‘الحقرة’ سيجعل من التزوير المحتمل إهانة لا حدود لها تضاف أصلا إلى إهانة محاولة دوائر الاستبداد والفساد فرض ولاية جديدة لرئيس ليس معيبا ولا مسيئا القول إنه لم يعد مؤهلا صحيا وذهنيا لقيادة بلد بحجم الجزائر ولا حتى بما هو دونها.
يحاول المراقب جاهدا أن يأخذ تأكيد الجيش الجزائري على حياديته في انتخابات الرئاسة وشفافيتها على محمل الجد لكن ظلال الشك تأبى مع ذلك أن تزاح بسهولة بسبب ممارسات عقود طويلة من التزوير. يضاف إلى ذلك أن البيئة العربية والدولية الحالية تفضل للأسف غض النظر عما يمكن أن يحدث في هذه الانتخابات بدعوى أن بقاء بوتفليقة ومعه الوضع القائم المستقر يظل أفضل من أن يأتي المجهول مع غيره. نظرة لا يرى أصحابها أبعد من أنوفهم … ولكن من قال أن النظر الثاقب بات مطلوبا اليوم!

القدس العربي


Navigate through the articles
Previous article الحالة المصرية… حكم العسكر وأوهام التغيير كيف جمع بوتفليقة كل هذا الهجين؟ Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع