المقالات و التقارير > ثورة يناير لم تحقق الحد الأدنى من طموح المصريين

ثورة يناير لم تحقق الحد الأدنى من طموح المصريين

بين مرشح رئاسي يعترف للوهلة الاولى بان اليد قصيرة والعين بصيرة وآخر تعتريه الكثير من أحلام اليقظة بأن يفوز على منافسه الذي تسخر له الآلة الاعلامية غطاءً غير مسبوق من الدعاية، يقتات المصريون كل صباح على أمل لا يجد المناخ المناسب للظهور، فاغلب الظن ان مصر حبلى ولكن الحمل كاذب، فليس هناك ما يبشر بخروج البلد الاكثر سكاناً بين محيطه الجغرافي في المنطقة من مشاكله التاريخية، فلا ثورة يناير/كانون الثاني اسفرت حتى الآن عن توفير الحد الأدنى من طموح الجماهير التي يحيط بها اليأس من كل جانب، فالكساد الاقتصادي يحيل كل يوم المزيد من الاسر لسلم الفقر، ولم يفز بكعكة الثورة حتى الآن سوى نفر قليل من الاعلاميين الذين يمتلكون قدرة مدهشة على التلون من غير ان تكسو وجوههم حمرة الخجل، فلا من موهبة يمتلكونها سوى تقديم خدماتهم ‘دليفري’ لكل من بوسعه ان يدفع المقابل، نظير استدراج المواطنين عبر الحديث عن مستقبل وردي لا وجود له على ارض الواقع.
في صحف الجمعة تورط كثير من الكتاب والصحافيين في الحديث عن انجازات ستتحقق بمجرد فوز المشير عبد الفتاح السيسي ووصوله لسدة الحكم، رغم ان المشير نفسه اعلن بشجاعة يحسد عليها ان الوضع اكثر من كارثي، لكن الرجل الذي تحيط به آلة اعلامية استمدت موهبتها في الكذب والتضليل منذ زمن مبارك، لم يدرك حتى اللحظة ان كثيرا من مصداقيته باتت في مهب الريح وتتآكل بسرعة، بسبب ما يروجه عن قدراته الخارقة المنتسبون لحملته الانتخابية والكتاب الذين يدركون ان بقاءهم في صدارة الحدث مرهون بما يقدمونه للمرشح الاكثر شعبية في خضم المعركة المحتدمة، التي يبدو ان عدد ضحاياها سيكون اكثر مما هومتوقع.. وفي صحف امس الجمعة نال رئيس الوزراء المزيد من السهام، بينما توارى الهجوم على الرئيس المعزول محمد مرسي، واحتلت الحرب على فيلم هيفاء وهبي مساحات بارزة من الصحف، وقد دخل الداعية الإسلامي علي الجفري على خط المواجهة ضد صناع الفيلم، حيث طالب المنتج السينمائي محمد السبكي بصلاة ركعتين لله واستغفار ربنا، جاء ذلك ردا على تصريحات خلال البرنامج بأن فيلم ‘حلاوة روح’ لا توجد به مشاهد عري أو قبح وأنه يقدم إبداعا، وأن الفيلم للكبار فقط ويناقش قضايا تهم المجتمع. وتابع الجفري، في تصريحات متلفزه نشرتها اكثر من صحيفة امس: ‘السبكي له حق علينا أن نتوجه إليه بالنصيحة، ولا نشكك في إيمانه وإنما ننصحه، ونطالبه بأن يسأل نفسه هل البضاعة الفنية التي يقدمها تحسن وقوفه بين يدى الله، بعيدا عن الرقابة’.
والى بعض مما نشر:

ليس كل من عملوا مع مبارك لصوصا

تموج الساحة الداخلية المصرية بتناقضات صارخة قبل انتخابات الرئاسة المرتقبة في نهاية مايو/ايار المقبل، وهي تناقضات تحمل دلالات وإشارات مهمة للرئيس القادم، على حد رأي محمد عبد الهادي علام رئيس تحرير ‘الاهرام’ فكلما اقترب موعد توجه المصريين مجددا إلى صناديق الاقتراع ارتفعت أصوات المتاجرين بالثورات والراغبين في إعادة مصر إلى أيام ما قبل 25 يناير 2011، وكلاهما اتفقا على اللعب بالأوراق نفسها على أمل العودة أو على أمل فرض أمر واقع على الوافد الجديد الى قصر الاتحادية. اللعبة خطيرة واللاعبون يشهرون أسلحة رخيصة وبالية، وأغلبهم لا يملك الحنكة أو المهارة المطلوبة للاستمرار في المباراة سوى أساليب الابتزاز والتشهير ونشر الفوضى، استغلالا للأوضاع الراهنة في مؤسسات الدولة التي أصاب بعضها ما أصاب المجتمع المصرى من انفلات وغياب للمحاسبة، وعدم اليقين في أمور كثيرة، وكل الشواهد على حد رأي علام تقول ‘لا عودة لنظام مبارك أو حكم الإخوان’، وأن الطريق الجديد ترسمه ملامح مشروع وطني خالص يقف على مسافة بعيدة تماما عما يدعيه البعض من عودة شبح أصحاب مشروع التوريث ورجال الحزب الوطني المنحل من أجل خلق فزاعة جديدة يزيدون بها حالة الالتباس، ويفرضون جدول أعمال على الرئيس القادم بإغراقه في مهمة الدفاع عن النفس وعرقلة مشروعه لإعادة بناء الدولة.
النخب السياسية والمالية والاقتصادية والفكرية في مصر في حاجة ماسة إلى وقفة حقيقية مع النفس، يدركون من خلالها أن الوحدة التي تجمع اليوم رموز فساد عهد مبارك وبقايا تنظيم الإخوان هي أحد التحديات الكبرى التي ستواجه الرئيس القادم ..’. ويشير الكاتب الى ان ‘هناك رجالا خدموا النظام وهناك رجالا خدموا الدولة المصرية والفارق بينهما كبير، ولعل تكريم الأسماء التي استعادت ‘طابا’ قبل أيام يجيب على المروجين لنظرية ‘الفساد المطلق’ وأنهم وحدهم يملكون صكوك الوطنية’.

السيسي لم يكن جزءا من النظام السابق

وندعو علي البدراوي في ‘المصري اليوم’ ليؤكد لنا براءة المشير الذي يخوض الانتخابات المقبلة من شبهة الانتماء للنظام الاسبق، مشيراً الى ان القوات المسلحة عارضت توريث الحكم لجمال مبارك وهو ما يجعله على اقتناع بأن السيسي لم يكن جزءاً من نظام مبارك، لكنه ليس جزءاً من ثورة يناير، رغم أنه بطل 30 يونيو/حزيران، وبموقفه التاريخي في إزاحة الإخوان عن الحكم أصبحت حمايته جسدياً واجباً قومياً على كل مصري، خاصة بعد استقالته من وزارة الدفاع، وترشحه في الانتخابات الرئاسية، كما أن موقف الولايات المتحدة الأمريكية منه، وإصرارها على إبعاده عن المشهد، يجعلني أدعمه بشكل أكبر، إضافة إلى أن كل أجهزة الدولة ستقف خلفه وتسانده- إن سعى لذلك- لبناء مصر من جديد. في المقابل، على اقتناع أيضا أن حمدين صباحي جزء من نضال الحركة الوطنية المصرية، وابن لثورتي يناير و30 يونيو، ولا يقل وطنية عن السيسي، لكنه يزيد في أنه يريد استئصال دولة مبارك، التي انقضت أبواقها الإعلامية وفلولها، في الفترة الأخيرة على ثورة يناير، التي أعتبرها ‘أم الثورات’، وينحاز انحيازاً حقيقياً للفقراء، كما أنه بموقفه باستمراره في معركة الانتخابات، رغم إقرار الجميع باكتساح السيسي لها بسبب شعبيته لدى السواد الأعظم من الشعب، وهجوم البعض الشديد عليه، ووصفه بأنه لا يسعى سوى للكرسي، يثبت أن صباحي وطني حتى النخاع..’. ويؤكد الكاتب على انه لم يحسم امره بعد: ‘سأترك صوتي الحائر إلى ضميري يختار ما يشاء، لكن أدعو السيسي وصباحي، وفريقيهما ومن سيقاطعون الانتخابات- ما عدا من يرفعون السلاح في وجه الدولة- إلى الالتقاء بعد الانتخابات في نقطة واحدة، وأن يُفّوتوا الفرصة على من يسعى لإسقاط مصر’.

‘حلاوة روح’ فيلم يسيء للفن المصري

والى المعارك الصحافية ويبدأها في جريدة ‘الاهرام’ الكاتب والشاعر فاروق جويدة ضد اهل الفن الذين يصرخون في وجه رئيس الحكومة بسبب منعه فيلم هيفاء وهبي الجديد: ‘وفي تقديرى ان الفيلم الأخير ‘حلاوة روح’ لم يكن يستحق هذه الضجة من الناحية الفنية، فهو يدخل في نطاق سلسلة افلام المقاولات الرخيصة التي اساءت للفن المصري كثيرا وتعتبر من الصفحات السوداء في تاريخ الثقافة المصرية’. والغريب في الأمر على حد رأي جويدة ‘ان اهل الفن يستخدمون في كل مناسبة كلمة حرية الإبداع، رغم ان ما نراه وما نشاهده لا علاقة له بالإبداع من قريب او بعيد، حتى اننا نستخدم كلمة مبدع بصورة أساءت للإبداع في كل مجالاته، ان المطرب صاحب الصوت الرديء مبدع.. والملحن لص الألحان مبدع.. والفنان مروج المخدرات في اعماله مبدع.. والمرأة التي تتاجر بجسدها مبدعة.. والكاتب الذي يتاجر بغرائز الناس مبدع .. والبرامج التافهة التي تطارد الناس كل ليلة على الشاشات ابداع.. ان امتهان الإبداع بهذه الصورة فتح الأبواب واسعة للمهاترات والتلوث السمعي والفكري ووجدنا انفسنا امام مستنقعات تحمل اسم الفن والإبداع، بل ان الأحق والأولى بهذه الأعمال هي شرطة الآداب لأنها تمثل جرائم اخلاقية وسلوكية..’. ويرى جويدة انه ‘لا يعقل ان يتساوى فيلم بيطرح قضية جادة او ازمة مجتمعية خطيرة مع فيلم آخر يقوم على مشاهد الإثارة والجنس والعري الرخيص.. ما هي القضية الخطيرة التي يجسدها مشهد بين امرأة مثيرة تحرك غرائز بريء وتمتهن براءته امام الملايين’.

الفيلم تعبير عن ثقافة تلعب على الغرائز

والى وجهة نظر كاتب اسلامي من ازمة فيلم هيفاء وهبي الجديد وهو الكاتب نادر بكار في جريدة ‘الشروق’: ‘هذه (البنية التحتية المجتمعية المتصدعة) إما أنها هي من أفرزت ‘حلاوة روح’ أو أن الفيلم نفسه وأشباهه أحد مظاهرها وتجلياتها، وفي الحالتين سيلزمنا تفكيك المشهد المأساوي المعقد إلى عناصر أبسط يسهل دراستها قبل الحديث عن علاجها وإزالة آثارها.. ساعتها سيطرح السؤال نفسه، حتى لو اعتبره البعض (جدليا): بافتراض البدء في إصلاح البنية التحتية المجتمعية، هل يعني ذلك بالضرورة انحسار هذا المد من الأفلام؟’. ويعبر بكار عن ريبته من حديث البعض عن رفضه الإيقاف من حيث المبدأ ذاته، ‘نعم لم يجسر أحد من المبرزين في إعلام أو فن على تأييد الفيلم تأييدا مطلقا ــ ولا أتعرض هنا للمستوى الفني ــ بل الكل ــ في حدود ما أعلم ــ أظهروا استياء أو تحفظا متفاوتا بشأن قصته وتفاصيله، ثم يأتي الاستدراك بالرفض التام لإيقافه من باب (سد الذرائع) أمام من يريد تكميم الأفواه أو تقييد الإبداع.. طالعت طرفا من المقابلات التلفزيونية مع الطفل بطل الفيلم، فكان من جملة ما استرعى انتباهي أن المسكين الذي لُقن حجته قبل الظهور على الشاشات، يردد غير مدرك بالطبع الجملة الشهيرة ‘هذا واقع موجود ونحن فقط نقلناه’ لكنه تصرف فيها قليلا بغض النظر عن تعمده من عدمه لتصبح ‘الفيلم ترسيخ لواقع موجود بالفعل’! وهل المطلوب أن يرسخ الواقع السيئ؟.. الفيلم من هذا المنظور إذن.. مقدمة لسلسلة من الأعمال الفنية ترتفع فيها وتيرة المصادمة أكثر وأكثر، مقدمة تشجع كل متردد على الإقدام والولوغ أكثر وأكثر، مقدمة تبرر الانحلال الأخلاقي وتوجد له مكانا.. والأدهى من ذلك والأمر أنها مقدمة لانحراف جيل كامل يمثله الآن طفل في الثالثة عشرة من عمره، ولهذا تعلق بالتنمية المستدامة في حق الإنسان المصري.. لكنها تحتاج بسطا لا يتسع المقام الآن لذكره’.

برهامي يفتح النار على نفسه

ولا يمكن بأي حال ان نتجاهل الحرب التي خلفتها فتوى للداعية ياسر برهامي، التي تهتم بها معظم الصحف نظراً لغرابتها، حيث رفضتها حتى الكنيسة الارثوذكسية، اما الشيخ حاتم الحويني، نجل الداعية السلفي أبو إسحاق الحويني، فقد قال: ‘ان الرسول أوصانا بالدفاع عن الأهل واستشهد بالحديث النبوي ‘من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد’، ومعنى الحديث أن من قتل دفاعًا عن ماله أو عن أهله أو في نصرة دين الله تعالى والذبِّ عنه بأي وسيلة، أو عن نفسه فهو شهيد له حكم الشهداء في ثواب الآخرة’ وجاء في شرح مسلم للإمام النووي: ان رجلا جاء إلى رسول الله، فقال: يا رسول الله، أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: فلا تعطه مالك، قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: قاتله، قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: فأنت شهيد، قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: هو في النار، والله تعالى أعلم’. وكان برهامي قد اتهم وسائل الإعلام بتحريف فتواه المتعلقة بجواز ترك الزوج زوجته تغتصب حفاظًا على نفسه وأكد برهامي على وجوب دفاع الزوج عن عرضه إذا كان هناك احتمال بالدفع، وان هذا ما قاله النبي، صلى الله عليه وسلم: ‘من قُتل دون عرضه فهو شهيد’، مشيرا إلى أنه في حال تيقن الزوج بوقوع مضرتين القتل والاغتصاب، فيجوز له أن يدفع بالاغتصاب حفاظا على النفس واستشهد نائب رئيس الدعوة السلفية: بسيدنا إبراهيم لما جاء إلى مصر، وطلب الجبار امرأته سارة فقال إنها أختي، ويقصد أنها أخته في الإسلام، حتى لا يُقتل وتُؤخذ، ووقف يصلي ويدعو الله أن ينجيها وقد نجاها الله’.

الثوار بريئون من تدمير مصر

لازالت التهم تلاحق الثوار بأنهم سبب النكبة التي لحقت بالبلاد بعد ثورة يناير/كانون الثاني وهو ما يرفضه عضو البرلمان السابق مصطفى النجار في جريدة ‘الشروق’: ‘تحميل الثوار مسؤولية ما وصلت إليه أوضاع البلاد من ترد وبؤس مازالت هي النغمة السائدة.. الشباب متهمون بأنهم ضد المشروع الوطني ــ الذي يحمله من أعلنوا الحرب عليهم ــ ومتهمون أحيانا بأنهم تابعون لمنهجية تفكير وأولويات خارجية لا تتلاءم مع الواقع المصري وتضر بمصلحة البلاد. إذا بحثت عن ملامح هذا المشروع ستجد أنه ينطلق بالأساس من نظرية المؤامرة الكونية على مصر ويصل به الشطط إلى تبرير كل فشل وتجاوز أنه نتيجة للمؤامرة، كما أنه مشروع يعادى الديمقراطية ويأخذ قشورها السطحية فقط، كما أنه يعتمد بالأساس على تركة مبارك المؤسسية والسلوكية في التعامل مع المعارضين وممارسة الإرهاب السياسي لإخراس وتخوين وتشويه كل من يخرج على الخط، وصار نظام مبارك ملائكيا في بعض الأحيان أمام ما صنعه واقترفه أصحاب المشروع الجديد، الذين استدعوا شعارات من الستينات على غرار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، ومن لا يقف في صف السلطة أيا كانت تجاوزاتها فهو خائن وعميل وكاره للوطن’. ويرى ان ‘المشروع الوطني الذي تبنته الثورة لم يكن يهدف كما يزعمون لهدم الدولة ومؤسساتها، بل كان يهدف لإصلاح المؤسسات وإعلاء سيادة القانون واحترام حقوق الانسان وحماية الفقراء..’. وحول البديل المتاح يرى النجار ‘انه موجود إذا تركوا له الفرصة ليخرج ولكنهم يقتلونه دوما في مهده ليبقى المشهد أحاديا لترسيخ مبدأ (اللي نعرفه أحسن من اللي ما نعرفهوش)، فالبديل لن يأتي والمعتقلات مفتوحة أبوابها.. والبديل لن يأتي والشباب تتم محاربتهم بهذه القسوة.. والبديل لن يأتي وآلة الإعلام الموتورة تطلق مدفعيتها الثقيلة لاغتيال الناس معنويا وشيطنتهم’.

الرئيس عندما يغازل المستثمرين

ومن الهجوم على هيفاء وفيلمها للهجوم على الرئيس المؤقت بسبب قانون اصدره مؤخراً يحصن بيع الشركات العامة من الاحكام القضائية، وهو ما ينتقده محمود خليل في جريدة ‘الوطن’: أصدر رئيس الجمهورية المؤقت المستشار عدلي منصور قراراً بتحصين التعاقدات بين الحكومة والمستثمرين، ومنع أي طرف ثالث من الطعن على العقود المبرمة بين الطرفين، الحكومة والمستثمرين.. الأسباب التي ساقتها الحكومة لا تفتقر إلى ‘الوجاهة’، ولكن يعوزها الالتفات إلى مسألة ‘النزاهة’. فالتجربة تشهد بأن الكثير من التعاقدات التي أبرمتها حكومات عديدة سابقة مع مستثمرين شابها الفساد، فبيع العديد من مشروعات القطاع العام بثمن بخس، وبيعت أراض شاسعة لمستثمرين مقابل ‘ملاليم’. وتؤشر تجربة الزواج بين المال والسلطة في مصر إلى وجود منهجية أو أسلوب معين يتم اتباعه في مثل هذه الأحوال. فالمستثمر يدفع ‘الملاليم’ لخزانة الدولة، ويشترى الشركة أو الأرض بأقل من ثمنها بكثير.
ومؤكد أن المسؤول الحكومي لا يقع في هذه المعصية لوجه المستثمر، بل بقصد المنفعة الذاتية. وبعض المسؤولين لا يختشون من لعب دور ‘السمسار’ الذي يتم ‘تعريقه’ لإبرام الصفقة الحرام بين هذا الكيان الذي يسمى الحكومة والمستثمر، وإلا من أين جاءت هذه المليارات الممليرة التي يمتلكها هذا أو ذاك من رجال الحكم خلال السنوات الأخيرة؟ وربما كان المسؤول ‘السمسار’ يقبض أكثر مما تقبض الدولة مقابل بيع هذا المشروع أو ذاك. هذا ما أكدته أحكام القضاء في قضايا تم رفعها بمعرفة مواطنين عاديين وعمال يعملون بالشركات التي بيعت ‘فطيس′. وكلنا يعلم أن هناك شركات يسعى القائمون عليها إلى ‘وقف حالها’ ويصرخون بعد ذلك بما تحققه من خسائر، بهدف التحضير لبيعها، وما مثال ‘شركة الحديد والصلب’ بحلوان منا ببعيد’.

منصور ليس كبش فداء للسيسي

هناك خبثاء يرددون أن زيادة الأسعار الجديدة لبعض السلع الهدف منها أن يتحملها الرئيس عدلي منصور قبل مغادرته قصر الرئاسة، وفق ما يرى وجدي زين الدين رئيس تحرير جريدة ‘الوفد’ وهي قادمة لا محالة في ظل العجز الشديد في الموازنة العامة للدولة.. وماذا تعني يتحملها منصور؟.. أن يكون هو كبش الفداء في ظل هذه الظروف الراهنة، على كل حال ليس هذا هو المهم، لكن الدولة في ظل هذه الظروف كان يجب عليها عدم الاقتراب من الأسعار على الاطلاق، فالناس يعانون الأمرين ولا يتحملون أي زيادات في الأسعار.. الغريب أن ارتفاع الأسعار سينال من الفقراء في بلدنا وما أكثرهم. وهناك من يردد أن سعر الغاز المقدم للمواطنين رخيص ويجب تعديله، والمسألة ليست في الغاز، وإنما مجرد قيام الدولة برفع سعر سلعة تزداد على الفور، جميع السلع سواء رضيت الحكومة أو رفضت.. ومن الآن أصبح سعر انبوبة البوتاجاز يتعدى الستين جنيهًا، فهل هذا يليق.. ماذا تفعل الأسرة الفقيرة أمام هذه الزيادات’. غير ان الخطر الحقيقي كما يراه وجدي هو ‘غضب الفقراء الذين لا يتحملون أعباء إضافية، ويكفي ما يعانونه من توفير لقمة العيش، فالمواطن يعمل في أكثر من مهنة بهدف توفير متطلبات الحياة الضرورية.. وكنت أتوقع من المهندس إبراهيم محلب أن تكون هذه الزيادات مقصورة فقط على الأغنياء، لا أن تطال الفقراء، فحياتهم ضنك في ضنك، ولا يجب على الإطلاق أن نزيد من قرفهم.. الزيادة الجديدة في الأسعار ستكون بمثابة زيادة الغضب على الحكومة والدولة، والثورتان العظيمتان اللتان قام بهما الشعب، كأنهما لم تكونا أمام عدم توفير الحياة الكريمة للمواطنين.. من أساسيات الثورتين العيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، وما يحدث الآن يتناقض تماما مع ذلك.. فلا المواطنون شعروا بحياة كريمة ولا عدالة اجتماعية، الأغنياء يزدادون غنى والفقراء يزدادون فقرًا’.

سيناء لن تعرف الرخاء بالغناء فقط

تعيش مصر حالياً احتفالات تحرير سيناء، التي لا تتذكرها الحكومة كما يشير عباس الطرابيلي في جريدة ‘الوفد’ إلا يوماً أو يومين، في ذكرى تحريرها.. بينما سيناء تحتاج منا عملاً دائماً وطوال 24 ساعة وعلى مدى 365 يوماً.. فهكذا يكون الوفاء.. الوفاء لمئات الألوف الذين قدموا حياتهم لتحيا سيناء.. ولو فوق الجراح وتذكر سيناء لن يكون أبداً بعدة أغنيات، أري أن أغنية ‘شادية’ فنانتنا الرائعة هي الأفضل بين كل هذه الأغاني. ولا يكفي هذه الأفلام.. وفي مقدمتها معركة إيلات.. ولا حتى ‘الرصاصة لا تزال في جيبي’. سيناء أكبر من كل ذلك. وبطولات الذين حرروها أغلي من مجرد كلمات.. بل يكفي أن ننقش أسماءهم على كل حجر في سيناء.. من سرابيط الخادم إلى رفح والعريش وشرم الشيخ.. ومضايق تيران..’. ويتساءل الطرابيلي ‘لماذا لا نحفر أسماء كل الذين حرروا سيناء على كل مدرسة وكل طريق.. وعلى كل جبل أو حتى عيادة صغيرة.. أو بئر ماء حفرناها، نقول ذلك قبل أن يطوي النسيان أسماء مقاتلين عظماء من السادات إلى الشاذلي وأحمد إسماعيل والجمصي وبدوي وطنطاوي، وإبراهيم الرفاعي وأبوسعدة ومير شاش وواصل وأبوغزالة ونبيل شكري وحسني مبارك وفهمي وأبوذكرى وأبوسعدة والماحي وكمال حسن علي ومأمون وخليل وغالي.. والعرابي وغيرهم.. أقول ذلك قبل أن تفقدهم الذاكرة القومية.. نعم سيناء ليست مجرد غنوة.. بل هي أحداث جسام في مقدمتها المزرعة الصينية وشرق البحيرات وتبة ‘الطالية’ وحتى مؤتمر الحسنة والموقف الرائع لأبناء سيناء في مؤتمر الحسنة في أكتوبر/تشرين الاول 1968 وبطله الشيخ سالم الهرش. ولن ننسى البطل عبدالمنعم رياض، أعلى رتبة مصرية تقدم روحها فداء لسيناء’.

إعلاميون بلا ضمير

بمرور الوقت تتزايد الاتهامات التي تلاحق مجموعة من الاعلاميين بتهمة انتمائهم للمؤسسة العسكرية ودفاعهم عنها في مختلف المواقف، ورغم ان البعض يرى ان مثل هذا الدور لهؤلاء الكتاب يمثل خدمة للوطن والشعب، الا ان فريقا آخر يرفض تلك المزاعم. ومن معارك امس الصحافية تلك التي يشنها محمد حلمي في جريدة ‘المصريون’ ضد عدد من نجوم الفضائيات والصحف بسبب ترويجهم للاكاذيب بشكل شبه يومي: ‘ليس لهم مرجعية أخلاقية ولاإنسانية ولا دينية ولا وطنية.. مرجعيتهم كروشهم وجيوبهم وشهواتهم الحرام وحسابات البنوك المغموسة في الدماء.. أتحدث عن شرذمة منحطة من إعلاميين يعترفون الآن بكل البجاحة والفُجر، بأنهم من دفعوا البلاد إلى الحرائق والتمزق والكراهية.. إلى هنا ينتهي كلامي عن عموم الإعلاميين من أمريكا إلى جمهوريات الموز والكاكا والحرنكش.
* حالة أخرى أعرضها الآن، لا علاقة لها بما ذكرته بعاليه.. عندما سألوني عن رأيي في الإعلاميين الذين حرقوا مصر ومزقوها بالكذب والتدليس والتضليل والافتراء.. قلت: أخطرهم خالد صلاح.. وأحقرهم ‘ابو حمالة ‘.

أي الجهات يدعمها حزب النور؟

السؤال يطرحه طه خليفه في جريدة ‘المصريون’ منتقداً الحزب ذا الخلفية السلفية: ‘ما دور هذا الحزب، وما هي قضيته الأساسية في المجتمع اليوم؟ مع كثرة ظهور ياسر برهامي الأب الروحي للحزب في الفضائيات، ومعه نادر بكار، وثالثهم يونس مخيون، فإنني لم أستمع لواحد منهم يتحدث في قضية جماهيرية لها علاقة بحياة ومعاش الناس، ويقدم رؤية مبتكرة للحل. هذا هو مجال العمل والتنافس الحقيقي مع القوى السياسية، وفي تلك المرحلة التي تعصف فيها الأزمات المتراكمة بالبلاد، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، فهل لدى ‘النور’ حلول مدروسة، من خارج الصندوق، وليس شعارات وكلاما عاما مرسلا فضفاضا وإنشائيات ولعبا بعواطف ومشاعر الجمهور؟ الحزب السياسي لابد أن تكون لديه خطة عمل كاملة وواضحة وشاملة وجاهزة للتطبيق فورا إذا ما حاز الأغلبية وجاز له تشكيل الحكومة. سيقول الحزب السلفي: نعم لدينا برنامج يتضمن كل صغيرة وكبيرة، وسأرد: ما أسهل وضع البرامج، فكل الأحزاب القائمة – لا أعرف عددها من كثرتها – لها برامج عندما تقرأها تقول إن مصر على أيدي أي حزب منها يمكن أن تصبح واحدة من دول الرفاهية في العالم المتقدم، لكن هل الحزب وكوادره وأعضاؤه لهم علاقة فعلية بذلك البرنامج، ومطلعون عليه، ومستوعبون له، ومؤمنون به، ولديهم خطط تفصيلية بكيفية تنفيذه وتمويله، أم هو مجرد كلام نظري مكتوب لنيل الشرعية القانونية فقط؟’.

الشعب لن يطيق أعباء جديدة

تسود اوساط الجماهير حالة من الغضب بسبب ارتفاع الاسعار وهو ما يحذر من تداعياته محمد حسن البنا في جريدة ‘الاخبار’: ‘مازال البعض يطبل لحكومة محلب.. بالمناسبة الرجل لا ذنب له لقد وضعته الأقدار رئيسا للوزراء بعد إقالة أو استقالة د.حازم الببلاوي.. لكن ما يلفت النظر أن أغلبية رجال الاعلام يساندون الرجل في فرض الضرائب الجديدة.. وزيادة الأسعار التي لم تتوقف عن الارتفاع.. والعجيب انها اجراءات مقبولة من محلب.. بينما لم تكن مستحبة من الببلاوي.. ما علينا.. يبقى السؤال الأهم. هل يستطيع الشعب المكافح، منذ 25 يناير 2011 وحتى الآن، تحمل زيادة الأسعار؟! أعتقد أن الشعب ليس بقادر على تحمل صعوبة الحياة.. وزيادة الأسعار.. خاصة أن الحكومة لم تعد قادرة على تقديم أي خدمة للناس.. فإذا كانت لك خدمة في أي مرفق من المرافق.. صرفا صحيا أو مياه شرب أو كهرباء.. أو تعليما.. أو خدمة صحية.. وحتى وسائل النقل العامة لم تعد في مقدور الناس البسطاء.. والسكن الذي تهلل له الحكومة عن طريق البنوك المختلفة لا يناسب الموظف البسيط.. باختصار الحياة مقلوبة في مصر.. الحكومة عاجزة.. تعاني ضيق ذات اليد.. والمواطن ايضا لا يستطيع تحمل الأعباء التي تفرضها الحكومة عليه بزيادة الأسعار في الغاز والمشتقات البترولية المهمة للحياة.. وأيضا في أسعار الكهرباء.. وغيرها من المرافق الحيوية التي لا يستغني عنها المواطن. وينصح البنا الحكومة التريث في هذه الخطوات.. ومراعاة ظروف الناس.. ووقف خطواتها لتحريك أسعار السلع الأساسية.. التي بلا شك ستحرك أسعارا لخدمات أخرى مرتبطة بها مثل المصانع والمركبات والسكك الحديدية والمشروعات الصغيرة.. وأقترح أن تنظر الحكومة الى السلع الترفيهية التي نطلق عليها السلع الاستفزازية، مثل السجائر بأنواعها والمشروبات الروحية والكافيار والسيمون فيميه.. وأبو فروة وأم فروة!’.

القدس العربي


Navigate through the articles
Previous article معوقات المسيرة المغاربية وبعض سبل مواجهتها باحث مغربي يرصد حقيقة التداخل الثقافي العربي - الفارسي Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع