المقالات و التقارير > المرشد والمفتي من سيقرر حياة الآخر؟

المرشد والمفتي من سيقرر حياة الآخر؟

سيطرت الأحكام القضائية الصادرة ضد الإخوان المسلمين وحركة السادس من إبريل على تغطيات الصحف الصادرة أمس الثلاثاء 29 إبريل/نيسان، فبالنسبة للإخوان صدر حكم محكمة جنايات المنيا، برئاسة المستشار سعيد يوسف محمد، وعضوية المستشارين إبراهيم وليد وطلعت جودة، بإعدام سبعة وثلاثين من المتهمين من الإخوان البالغ عددهم خمسمئة وثمانية وتسعين متهما في أحداث مركز شرطة مطاي، كانت قد أرسلت أوراقهم للمفتي، وبعد وصول رأي المفتي للمحكمة حكمت بالإعدام على السبعة والثلاثين والباقي بالسجن المؤبد.
ونظرت نفس الدائرة من محكمة جنايات المنيا قضية ثانية، وهي اعتداء الإخوان في مدينة العدوة على الشرطة وممتلكات الدولة، بأن أحالت أوراق ستمئة وثلاثة وثمانين متهما، على رأسهم المرشد العام الدكتور محمد بديع، إلى المفتي، وكان بديع حاضرا في قفص الاتهام في القاهرة أمام محكمة الجنايات في قضية التخابر وأحداث سجن وادي النطرون، المتهم فيها الرئيس السابق محمد مرسي، وعندما وصله نبأ حكم الجنايات بالمنيا تخلى لأول مرة عن عبوسه وألقى ‘بقفشة’ قال فيها ‘اشتروا لي بدله حمرا’، وهذا تحول ملموس في حالته المعنوية. المهم أن الإخوان هددوا بالانتقام ردا على هذه الأحكام، وعلى العموم أمامها مرحلتان في محكمة النقض حتى تكون نهائية.
أما الحكم القضائي الثالث فقد أصدرته محكمة الأمور المستعجلة بالقاهرة في الدعوى المرفوعة ضد حركة السادس من إبريل، ونص الحكم على حظر نشاطها وغلق مقراتها، لأنها لم تحصل على تصريح قانوني بالعمل، ولقيامها بتلقي أموال من الخارج وممارسة أنشطة تلحق الضرر بالأمن القومي للبلاد، وهذا الحكم سينفذ فورا ويمكن وقفه بتقديم استشكال إلى أن يتم الطعن على الحكم. وذكرت الصحف ايضا اعلان صديقنا العزيز اللواء هاني عبد اللطيف المتحدث باسم وزارة الداخلية، أن قوات الشرطة حددت مكان اختباء قائد خلية عين شمس الإرهابية المتهم بارتكاب العديد من عمليات حرق سيارات الشرطة والمواطنين وقتل الصحافية ميادة أشرف والفتاة ماري سامح والجندي وليد عشري المكلف بحراسة محطة مترو المطرية، وحرق عدد من المحولات الكهربائية، وهو محمد عبد الحميد أبو ليل ونائبه أيمن عزت، وكانا مختبئان في شقة، وسارعا بإطلاق النار على القوة وأصابا ضابطا، وردت الشرطة عليهما وقتلتهما وألقت القبض على أعضاء الخلية المكونة من واحد وعشرين شخصا. أيضا واصلت الصحف عرض تحركات ومقابلات السيسي وحمدين ولوحظ أن الصحف الحكومية تجتهد حتى تلتزم الحياد في التغطية الإخبارية.
كما تواصل الصحف نشر ردود الأفعال ضد الأحكام القضائية الصادرة، من الخارج والداخل، واستمرار الهدوء في منطقة السيل الريفي أسوان التي شهدت الأحداث الدموية بين الهلايل والدابودية. ومما ذكرته الصحف ان حركة ‘تمرد’ ستعلن قريبا عن تأسيس حزب لها ستدخل به انتخابات مجلس النواب التي ستتم بعد انتخابات رئاسة الجمهورية، كما واصلت الحكومة إزالة التعديات على أملاك الدولة.
والى بعض مما عندنا..

ترشح حمدين كان حلا لأزمة

ونبدأ باستمرار ردود الأفعال على المنافسة بين السيسي وحمدين، حيث قام زميلنا وائل لطفي رئيس تحرير ‘الصباح’ الأسبوعية المستقلة التي تصدر كل يوم اثنين بشرح ما سماه مأزق حمدين بقوله:’أكثر المتحمسين للسيسي رأوا في تصرف حمدين خدمة كبيرة يستحق حمدين الشكر عليها، فبدون ترشحه لا توجد معركة انتخابية بل استفتاء، وهو ما يعني بكل تأكيد أن مصر ترجع إلى الخلف ديمقراطيا، ولا يعني هذا أن حمدين كان جزءا من صفقة لأن هذا لم يحدث بالفعل لكن ترشحه كان حلا لأزمة.
والحقيقة أن مأزق حمدين صباحي ازداد عمقا بعد الترشح، فالسيسي من أمامه وشباب الثورة من ورائه والأصدقاء والناصحون انشغلوا عنه بتأييد المرشح الذي يرونه أجدر، وهو يجد وجاهة في الارتكان لشباب الثورة، ولأن يكون ممثل الثورة في مواجهة الدولة، حتى إن احتفظ بلغة رجل حصيف أو عارض السيسي بلغة مهذبة، ولكن شباب الثورة هم نار الغضب الموقدة، وهم لا يرضون عن أحد ولا يرضون بأحد ولا يسكتون عن شيء ولا يسكتهم شيء، وهم محبطون لأنهم يرون أن الثورة لم تحقق أهدافها وهم يرون القشة في عين غيرهم ولا يرون الخشبة في عيونهم، وقد كان هؤلاء هم المأزق لحمدين صباحي، فقد اتهموه بمهادنة السيسي وبأنه مجرد قطعة ديكور في المشهد الانتخابي، وقد استفز ذلك كبرياء حمدين ودفعه لمحاولة إثبات أنه معارض جذري، فضلا عن أن خطابه السياسي فقد بريقه خلال اللحظة الراهنة، فلا معنى لأن يكون مثلك الأعلى عبد الناصر وتعارض تدخل الجيش في السياسة مثلا، ولا معنى لأن يكون زعيم المعارضة ورئيس الجمهورية ينتميان لنفس المعسكر السياسي، وقتها سيشعر الجميع بأن الحياة السياسية تمثيلية سخيفة مشاهدها مكررة وشخصياتها محروقة. ولعل حمدين أحس بالورطة بعد أن ترشح ولم يكن أمامه سوى أن يبحث عن جمهور جديد حتى لو قال كلاما يناقض أفكاره التي تربى عليها، فلو كان لنا أن نحاكم العسكريين الذين تدخلوا في السياسة لوجب علينا أن نحاكم جمال عبد الناصر، لكن حمدين مضطر لأن يقول ما قال لكي يكسب جمهورا ليس جمهوره الأصلي، وهو في الحقيقة جمهور رجل آخر مختلف عن حمدين تماما اسمه محمد البرادعي’.

الاتهامات لا تتوقف بحق حمدين

وإذا توجهنا إلى جريدة ‘الكرامة’ لسان حال حزب حركة الكرامة الذي كان يرأسه حمدين، والآن رئيسه صديقنا المهندس محمد سامي سنجد أن صاحبنا محمد سالم ناصري يحلل أسباب عدم حماسة الناس للمنافسة بقوله دفاعا عن حمدين:’منذ اليوم الأول لترشح الرجل ومن قبل ترشحه والاتهامات والسباب بحقه لا يتوقفان، لا التفت بالطبع لاتهامات من قبيل كونه خائنا وعميلا للإخوان، فمثل هذه الاتهامات ومطلقيها لا يستحقون كلفة الرد عليهم، أما الاتهامات من فصيلة أنه مرشح عسكري بزي مدني أو كومبارس بالتعبير الدارج أو أنه مجنون سلطة ولا بد أن ينسحب اعتراضا على التحصين أو المسرحية فاسمحوا لي ببعض المساحة للتفنيد والرد..
شخص مثل حمدين صباحي له تاريخ نضال طويل ليس من أجل جماعة، ولكن من أجل قضية عادلة، وهي العدالة الاجتماعية، وله العديد من المواقف الأخلاقية التي تغلق فكرة أنه قد يصبح في يوم من الأيام مجرد أداة، وهو من طرح نفسه وحيدا من دون تكتلات أو أحزاب في الانتخابات السابقة، وكاد أن يصل لجولة الإعادة فمن المستحيل أن يقبل بهذا الدور الرخيص. وأعتقد أن السبب الكبير في تشويه صورة السياسيين لدى رجل الشارع وتصويرهم على أنهم لا يصلحون لتحمل المسؤولية، هو انسحاب البرادعي من المشهد السياسي بعد فض رابعة، والذي أحترمه لقراره الإنساني، لكن هذا الانسحاب وما شابه من غموض وصمت، آثاره السلبية كانت فقدان الثقة تماما بالسياسيين شبابا ونخبة، وانهم غير حريصين إلا على صورتهم وإرضاء أنفسهم وعندما يتحملون المسؤولية يهربون منها.
أتفق وأختلف مع وجهة النظر، لكن هذا هو مستوى الوعي الشعبي الذي نتعامل معه الآن، وليذكر لي بعض هؤلاء المزايدين ماذا فعل انسحاب البرادعي الأخلاقي يوم 14 يناير/كانون الثاني 2012 من السباق الرئاسي لأنه يرى أنها مسرحية وديكور وهو محق، لكن الواقع يقول انه رغم ذلك ذهب خمسة وعشرون مليون مصري للانتخابات وفاضلوا بين المرشحين’.

السيسي عازف عن الظهور الإعلامي

وما أن سمع صاحبنا سعيد عبد الحافظ كلمة سلبية حتى قال في ‘وطني’ محللا أسبابها:’اللافت للنظر أن الانتخابات الرئاسية التي تتبارى النخبة السياسية في تحليلها ومناقشتها، لها ذات الاهتمام لدى المواطن العادي، ويمكن تفسير هذا في ضوء السمات الشخصية للمرشح الأبرز وصاحب الفرصة الأكبر وهو المشير السيسي، فالرجل عازف عن الظهور الإعلامي حتى هذه اللحظة، كما أن شخصيته وعمله السابق يمنعانه من الاشتباك السياسي مع منافسه السيد حمدين صباحي، وهو ما أفقد المواطن المصري الذي تعود على سخونة الأجواء بين المتنافسين في أي انتخابات، وهو ما يعني أن المشير السيسي مطالب الآن بأن يشتبك ليس مع منافسه أو حملته، ولكن على الأقل مع قضايا ومشكلات الوطن التي يراهن قطاع كبير من المواطنين على قدرته على إيجاد حلول لها.
نحن نريد من المشير وحملته أن يدلوا بدلوهم في قضية الصراعات الدولية التي تغذي الإرهاب في مصر، وقضية الأمن المفقود وغيرها من القضايا التي ينتظر المواطن أن يرى مرشحه يخوض فيها، ويرسل له رسالة اطمئنان انه المرشح القادر على تحقيق أحلامه في مجتمع أمن وحياة كريمة. هذه الانتخابات الرئاسية التي يتابعها العالم أخشى عليها من الفتور والبهتان، لأن فتورها سيؤدي بالضرورة إلى عدم تحمس المواطنين للمشاركة، وهو أكبر خطر قد يهدد ليس فقط الانتخابات الرئاسية، ولكن قد يطول التهديد مستقبل مصر السياسي، وقد يمتد إلى تهديد مركز مصر الدولي’ .

السيسي لن يكون مبارك وحمدين لن يكون البرادعي

ويوم الاثنين دخل زميلنا محمد الشبة في ‘الوطن’ الى خط المناقشة حول هذه المنافسة فقال عنها:’السيسي حتى لو أراد، فمن المستحيل أن يكون مبارك أو يسمح له الشعب بأن يكون كذلك، وحمدين لا يمكن أن يكون البرادعي بتكوينه السياسي الغربي المشوش الضعيف. ان حمدين ابن الناصرية بعقيدتها القومية وخلفيتها العسكرية يقدم وجها آخر للسيسي الذي يوصف بأنه امتداد للوطنية الناصرية، ونموذج لزعامة شعبية أنقذت البلاد من الاستعمار الإخواني، كما أنقذ عبد الناصر مصر من الحكم الملكي والاحتلال البريطاني. ولا يستطيع أحد في مصر ان يحدد أوجه الاختلاف بين شعارات حمدين والسيسي، الاثنان لا يمتلكان خططا أو رؤى متعارضة أو مختلفة لحكم البلاد، بل ان كلا منهما في الواقع لم يقدم برنامجا واضحا لناخبيه حتى الآن، والسيسي من جانبه لا يقول أنه يكره اشتراكية صباحي ولم يرفض صباحي بدوره في أي وقت فكرة أن يحكم مصر رجل ذو خلفية عسكرية. والحقيقة أنهما بخلافاتهما الوهمية ومعارك أنصارهما الشخصية وانتخاباتهما الرئاسية المملة في واد والشعب في واد آخر تماما’.

المعارضة جزء من النظام الحاكم

ولأن السيسي وصباحي من معسكر واحد فقد حياهما في يوم الاثنين نفسه زميلنا في ‘الأهرام’ محمد السعدني بقوله:’أعجبني إصراره على المضي قدما في التحدي الرئاسي، وتأكيده أنه في حال خسارته الانتخابات سيكون معارضا قويا، وذلك بالضبط هو ما نريده وما كتبت عنه في مقال سابق بعنوان ‘حمدين.. مكانك في المعارضة المحترمة’.. ويدرك صباحي جيدا أن الفكر الناصري الذي يعتنقه هو نتاج تجربة الزعيم خالد الذكر جمال عبد الناصر، الذي جاء من قلب المؤسسة العسكرية المصرية وناضل كثيرا في مواجهة الضغوط الأمريكية للانضمام إلى الأحلاف العسكرية في مواجهة الاتحاد السوفييتي التي كانت تضم حينئذ إسرائيل وتركيا، وهو الأمر الذي دفع عبد الناصر ثمنه غاليا. يدرك صباحي جيدا أن المشير عبد الفتاح السيسي قد وضعه المصريون إلى جانب الزعيم عبد الناصر في جميع ميادين التحرير التي شهدت ثورة 30 يونيو/حزيران ضد مرسي وفرحة 3 يوليو/تموز بخلع الإخوان وتفويض 26 يوليو لمواجهة الإرهاب الإخواني الأسود. يدرك صباحي جيدا أن الغرب الأمريكي والصهيوني يرتعد خوفا وقلقا من فكرة أن يكون هناك عبد الناصر جديد في المنطقة العربية أحيي تفهمك أيها العزيز صباحي معنى المعارضة المحترمة، التي هي في الأساس جزء من النظام الحاكم، أحيي عدم امتعاضك من كون الغالبية العظمي من محبي الزعيم عبد الناصر هم اليوم في صف المشير السيسي إيمانا بصدق الرجل وبراءته ونقائه’.

عبود الزمر: أنا مع تولية
الأسوس للناس والأرفق بهم

وإلى ‘المصريون’ حيث صاح منها عبود الزمر عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية على طريقة لا سيسي ولا صباحي بل مكي والعواد هشام إذ قال:’لست مع تولية الشخصية القيادية الحازمة في موقع الرئيس، لكونها تستعين بقوة القانون وأدوات التنفيذ على قمع الخصوم والمعارضة، ولكنني مع تولية الأسوس للناس والأرفق بهم في هذه المحنة التي تكاد تعصف بالوطن، ولقد كان في تقديري أنه من المناسب أن يترشح للرئاسة أشخاص بعيدون عن طرفي الصراع، من أمثال المستشار محمود مكي والمستشار هشام جنينه والدكتور محمد سليم العوا، أو من هم على منهجهم الذي يتصف بالحكمة والحياد والوطنية، فهؤلاء جميعا صالحون لمهمة الرئيس التي يجب أن تكون على مقدمة أولوياته المصالحة الوطنية ومحاسبة المفسدين ورعاية حقوق الشهداء المصابين ورد المظالم لأصحابها’.
والغريب ألا ينتبه عبود إلى ملاحظة تناقضه رغم وضوحه لأنه يطالب برئيس لا يطبق القانون بصرامة على الجميع، الكبير قبل الصغير متناسيا حديث الرسول ‘صلي الله عليه وسلم’ عن إقامة الحد على ابنته فاطمة لو سرقت، ومتغافلا سيدنا عمر بن الخطاب ‘رضي الله عنه’ عندما أمر القبطي المصري بضرب حاكم مصر عمرو بن العاص، كل ذلك حتى يفلت ابن عمه طارق الزمر رئيس حزب البناء والتنمية والذراع السياسية للجماعة الإسلامية وعاصم عبد الماجد عضو مجلس شورى الجماعة الهاربان خارج مصر من المحاكمة؟

فيفي عبده مذيعة ونجوى إبراهيم لا تعمل

وإلى الظرفاء ونبدأ مع زميلنا وصديقنا العزيز فؤاد معوض الشهير بفرفور الذي قدم لنا في ‘الفجر’ ثماني عشرة فقرة اخترنا منها ثلاثا هي:
باسم يوسف المونولوجست المعروف إعلاميا باسم ابن نادية، إذا بحثت عن مكان ميلاده فستجده من مواليد القطب الشمالي برودة استظرافه تعادل بروده الجو هناك.
ريهام سعيد .. دائما ما يلقبها المشاهدون وهي تمثل بلقب صاحبة الأداء البارد ولا دخل لمصلحة الأرصاد الجوية بهذا اللقب.
فيفي عبده راقصة كانت تهز وسطها منذ ربع قرن بل يزيد، ثم توقف وسطها عن الحركة بحكم البقلظة فاتجهت للعمل كمذيعة في ‘أحلي مسا’ بينما نجوى إبراهيم لا تعمل صحيح ما أغرب الزمن.

كوكب جديد يبتعد عن شرور الأرض

أما زميلنا بالأخبار وإمام الساخرين أحمد جرب فقد توجه إلي مرصد حلوان الفلكي ونظر في التليسكوب وصاح يوم السبت في ‘أخبار اليوم’:
‘كوكب جديد تم اكتشافه به ماء وأكسجين كالأرض ويبعد عنا خمسمئة سنة ضوئية سرعة الضوء 760 299 كم في الثانية وربما أبعده الله عن الأرض عمدا حتى لا يتأثر بشرورها، باعتبار زعماء الأرض دعاة حروب وموت، وربما لأن الكوكب الجديد تحكمه النساء أي الأمهات أشد الناس تأثرا بالحروب، وربما لو وصل أوباما إلى الكوكب الجديد لوضعوه على حمار ولففوه الشوارع فرجة نادرة على مثيري الحروب في الأرض’.

غضب الأطباء يتصاعد

وعن احتجاج الاطباء واضرابهم وعدم الاستجابة لمطالبهم وعن الامراض التي يعاني منها الجهاز الصحي في مصر، يتحدث لنا الكاتب عمرو خفاجي في ‘الشروق’ عدد امس الثلاثاء يقول:’ حتى الآن، لم تلتفت الحكومة، بجدية لغضب الأطباء واحتجاجهم، على الرغم من أن هذا الإضراب على وجه التحديد هو العَرَضْ الواضح لأزمة الرعاية الصحية في مصر، ولا يمكن فهم هذه الأزمة إلا من خلالهم، سواء بتشخيصهم لها، أو الحلول التي يقترحونها، وليس صحيحا بالمرة، أن احتجاجاتهم مجرد احتجاجات فئوية تطالب بزيادة الأجور، على الرغم من أن هذا الطلب فى حد ذاته مقبول ومشروع، وإنما احتجاجات تهدف لتحسين حال الرعاية الصحية بما يليق بالمواطنين، خاصة أن الحال وصلت لدرجة غير مقبولة ولا معقولة ولا يمكن الصمت عليها أيضا، والمدهش أن صمت الحكومة يأتي مع استحقاقات دستورية توجب تخصيص 3′ من الناتج الإجمالي للموازنة للإنفاق على الصحة، خلال سنوات ثلاث، وقد سألت السيد وزير المالية عن البدء في تطبيق هذا الاستحقاق، فأكد لي أنه سيبدأ بالفعل من الموازنة الجديدة (2014 ــ 2015)، وأن الإنفاق على الصحة سيصل إلى أكثر من 51 مليار جنيه، مقابل 13 مليار جنيه تقريبا قبل الثورة، ومن المستهدف أن يصل في موازنة (2017 ــ 2018) إلى 86 مليار جنيه، وهو بالمناسبة ليس ببعيد عن الرقم الذي يمكن أن يحقق رعاية صحية ممتازة، والذي يقدره الخبراء بما يقرب من مئة مليار جنيه. إن ترك غضب الأطباء واحتجاجهم، يتصاعد، هو أمر غير مفهوم بالمرة، خاصة أن هناك تلميحات عابرة إلى أن هذا الإضراب يؤذي المرضى، ويهدد حياة بعضهم، وكأن هناك من يريد الإساءة لهم وتأليب المجتمع عليهم، على الرغم من أن هبتهم تأتي أولا، وأخيرا لصالح المواطن، ويكفي أن نشير إلى أن عدد الأسرة في المستشفيات التابعة للدولة في عام 1999 كان قد وصل إلى مئة ألف سرير تقريبا، ووقتها كان عدد السكان حوالي 60 مليونا، بينما ونحن نقترب من الملايين المئة، انخفض هذا الرقم وتراجع إلى ما يقرب من 75 ألف سرير فقط وفقا لأرقام الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، وهذا باختصار شديد يكشف عوارا لا يجب السكوت عليه، في هذا الملف، خاصة في ظل انتشار أمراض مزمنة لقطاعات واسعة من المواطنين البسطاء، الذين لا يعرفون طريق العلاج الخاص ولا طريق التأمين الصحي.إن الحق في الصحة، من الأمور التي لا خلاف عليها، كما أن الدستور الأخير نص على ذلك بطريقة ممتازة جعل الدولة في حالة مسؤولية كاملة للحفاظ على هذا الحق، فالقصة لم تكن أبدا أن الأطباء يرغبون في زيادة أجورهم، رغم أن هذا حقهم، وإنما هناك من انطلق من ضرورة تغيير وضع بالغ الرداءة ومهين، للمريض وللفرق الطبية، وقد اتفقت جماعة الأطباء على تغيير هذا الوضع وتحسين شروط العلاج في مصر، ولا أرغب في مزيد من الحكايات التي تكشف سوء مستوى الخدمات الطبية، فاللحظة لا تحتاج سوى إلى تحركات واسعة وسريعة، وقد سألت الدكتور علاج غنام الخبير في هذا الملف والمشرف على مبادرة الحق في الصحة عن عمق الأزمة، فأكد أنها في غياب الرؤية والسياسات المتغيرة والمتبدلة، والتأخير في إجراء أي إصلاحات، وقال إن البداية يجب أن تكون في إنشاء المجلس الأعلى للصحة لوضع الإستراتيجية المطلوبة، بعيدا عن تقلبات السياسة وتغيير الوزراء، وتكون وزارة الصحة هي جهة تنفيذ هذه السياسات، الأخطر إن الدكتور غنام قال لي إن الأمور لا تحتمل التأجيل، فيجب أن نفعل ذلك، الآن وفورا’.

الحكم على مرشد الإخوان
ومعضلة الرئيس القادم

وعن الحكم الذي أصدرته محكمة جنايات المنيا أمس بالتصديق على إعدام مرشد الإخوان د. محمد بديع مع 78 آخرين وموقف الرئيس المصري الجديد من هذا الحكم كتب لنا محمد عصمت في ‘الشروق’ عدد امس الثلاثاء قائلا:’ سيكون من أصعب امتحانات الرئيس القادم، حتى لو خففته النقض مثلا بالمؤبد، لأن عدم تنفيذ الحكم بدعوى المصالحة الوطنية وإغراء الإخوان بالابتعاد عن العنف، سيطيح بسمعة ومصداقية الرئيس، وسيؤكد تدخله في شؤون القضاء. وهو ما يلغي من الأساس دولة المؤسسات وقاعدة الفصل بين السلطات، وسيؤكد أن الرئيس القادم سيكون ديكتاتورا جديدا يستهين بأحكام القضاء لدواع سياسية في نظر البعض، أو أنه رئيس ضعيف لم يستطع مواجهة الإخوان في نظر آخرين! أما لو صدق الرئيس القادم على الحكم، فسوف تشتعل أمامه مظاهرات إخوانية عارمة ستؤيدها بالطبع كل التيارات الإسلامية، وستصاحبها بالتأكيد موجات غير مسبوقة من العنف… في كل الأحوال لن يستطيع الرئيس القادم الخروج من هذا الفخ، إلا بتقديم رؤية سياسية ــ ثقافية شاملة، تحوز إجماعا شعبيا، تسند ظهر نظامه في مواجهة حروب الشوارع التي سوف يشعلها التيار الإسلامي المتطرف، والضغوط الخارجية المتوقع أن تنخرط فيها دوائر متباينة، من منظمات حقوقية وقوى غربية وإقليمية وأجهزة مخابرات، بشكل يجعله يتحمل تبعات الحكم النهائي على المرشد وبقية قيادات الجماعة، خاصة إذا صدر حكم بالإعدام أيضا ضد الرئيس المعزول محمد مرسي في قضية التخابر التي يحاكم فيها الآن.. ولكن على ما يبدو فإن هذه الرؤية السياسية الثقافية الشاملة لا تزال غائبة عن كلا المرشحين، في نفس الوقت الذي تتباين فيه الرؤى حول طبيعة القوى الاجتماعية التي تقف وراء كل واحد فيهما، فحتى الآن لا أحد يعرف بالضبط عمن يعبر السيسي من طبقات وفئات المجتمع المصري، فبرنامجه الانتخابي لم يظهر للنور بعد، وتصريحات الرجل خلال الشهور الماضية زادت مواقفه الاجتماعية غموضا، فهناك فئات مهمشة تؤيده، والفلول يرون فيه بطلهم القادم، وقوى ثورية شبابية تبايعه باعتباره بطل ثورة 30 يونيو/حزيران التي يعتبرونها الموجة الثانية لثورة يناير/كانون الثاني… أما حمدين صباحي، فإنه مضطر لمغازلة كل الأطراف ــ بما فيها فصائل إخوانية يرى أنها ترفض العنف ــ في سياق معركته الانتخابية الشرسة مع السيسي، بانتظار حدوث مفاجأة غير متوقعة يحقق من خلالها حلمه القديم بالوصول إلى قصر الرئاسة، ليحدث ما يحدث بعدها، مستندا إلى شعارات ناصرية أكل عليها الدهر وشرب، من دون ان يعرف احد أيضا ما هي القوى الاجتماعية التي تقف وراءه وتساند قراراته..! الإخوان هم مسرح العمليات الساخن والعاجل أمام الرئيس القادم، ولكنهم ليسوا العقبة الوحيدة التي سيضطر لمواجهتها، فهناك قضايا الحريات والعدل الاجتماعي وبناء الاقتصاد القومي ومحاربة الفقر وحل مشكلات البطالة، وغيرها من الملفات الشائكة، وكلها معارك ساخنة مرتبطة ارتباطا عضويا ببعضها بعضا، لن يمكن حلها بالقطعة أو على مراحل.. وهذه هي بالضبط معضلة الرئيس القادم، التي لا تزال ــ حتى تاريخه ــ غائبة عن السيسي وحمدين!’.

النظام انزلق في علاقة ‘دم’
و’ثأر’ متبادلة مع الإخوان

وعن الموضوع نفسه، اي الحكم الصادر بحق محمد بديع مرشد الاخوان كتب لنا محمود سلطان في ‘المصريون’ مقاله الذي قال فيه:’ لأول مرة يوضع مصير أعلى سلطة دينية بالإخوان المسلمين ‘المرشد العام’ بين يدي أعلى سلطة دينية للنظام الحاكم ‘المفتي’. على المفتي أن يقرر ما إذا كان محمد بديع يستحق القتل.. في واحدة من أغرب المواجهات الدينية في مصر. المشهد ـ على هذا الشكل ـ شديد الالتباس، يضع كل تجليات العدالة في اختبار أخلاقي وقانوني بالغ الحرج، ولا ننسى ـ في هذا السياق أيضا ـ أن المفتي ‘موظف’ تابع لوزير العدل.. أي انه تابع للنظام الذي انزلق في علاقة ‘دم’ و’ثأر’ متبادلة مع الإخوان.
المرشد هو أكبر مرجعية تنظيمية في الجماعة التي حاولت أثناء فترة حكمها، وضع قانون جديد للسلطة القضائية، أثار غضب مئات من كبار القضاة المتضررين منه، ويتردد أن حبس أبو العلا ماضي، كان عقابا له على تبنيه هذا المشروع. الأحكام القاسية وغير المسبوقة في تاريخ القضاء المصري، بحق أنصار الرئيس المعزول، توضع الآن على المحك وتطرح تساؤلات مفزعة على الرأي العام، والقلق من الدخول في دوامة ‘دولة الثأر’. أيام مرسي، كانت ثمة أزمة أيضا بين دار الافتاء والإخوان.. وتردد كلام كثير بشأن محاولات الجماعة ‘أخونتها’.. وطٌرح ـ آنذاك ـ اسم مفتي الإخوان عبد الرحمن البر، صحيح أن الجماعة نفت ذلك لاحقا، ولكن بعد جدل واسع لم يترك مكانا لحسن النوايا.
أي أن ثمة ‘ثأرا’ قديما بين الطرفين، أو هكذا يمكن أن تكون التكهنات، ما يضع المفتي في مأزق خطير، حال عرض عليه التصديق على إعدام د.محمد بديع. فالأحكام، ورأي المفتي، لن تكون محل ترحيب، أو على الأقل استقبالها بارتياح، لأن تجربة الجماعة مع القضاة ومع دار الافتاء، لا يمكن تحييدها أو استبعادها في تقدير درجة ترفع الجهتين على مشاعر الغضب المطمورة تجاه الجماعة.
ما يجري الآن قد لا يقدر البعض خطورته، وربما تحت تأثير شهوة الانتقام من الخصم الإخواني، لا يستطيع أن يحسن التقدير، ويرسم صورة حقيقية عن المآلات وما يمكن أن تفضي إليه مثل هذه الأحكام من اختمار بيئة مهيئة تماما لخيار ‘العنف’ ولا تؤمن بجدوى عدالة الدولة.. وتدفع في اتجاه البحث عن بدائل أخرى لانتزاع الحقوق ورد المظالم، بعيدا عن القوانين التي باتت تفصل لمصلحة الطبقة الحاكمة وإسكات المعارضة.
ما نراه من تدهور سريع ومتنام في مجال حقوق الإنسان في مصر، يجعل البحث عن حل عاجل ‘فرض عين’..ويقتضي التدخل السريع، لفرملة هذا الاندفاع المنفلت نحو الكارثة.. فالقاطرة تنحدر بشكل مخيف ولا ندري حجم الانفجار عند ارتطامها في قاع سحيق بتنا على بعد بضع خطوات قليلة منه’.

القدس العربي


Navigate through the articles
Previous article المأزق الانتخابي في مصر… هل ينجح احد؟ معوقات المسيرة المغاربية وبعض سبل مواجهتها Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع