لم تكن ادارة حملة المرشح
الرئاسي المشيرعبد الفتاح السيسي موفقة، عندما اختارت ان يقدم نفسه للناخبين مع بدء
السباق رسميا عبر ‘هاشتاغ’ على مواقع التواصل الاجتماعي، ثم عبر لقاء مطول مع
الاعلاميين، بدلا من ان يتوجه الى الشعب بخطاب يشرح فيه برنامجه الانتخابي بشكل
واضح ومتكامل.
وهي غير موفقة ايضا لأن المعطيات الحرجة التي تمر بها البلاد لم تعد تتحمل اي اخطاء
جديدة. ولاشك في ان الشعب المصري كان يستحق حديثا مباشرا يتم تحضيره بعناية، كما ان
المحصلة النهائية للحديث كانت سلبية بالنسبة لصورة المشير نفسه.
فقد تحول ‘الهاشتاغ’ من وسيلة لتوضيح افكاره ومشاريعه، كما كان مفترضا، الى فضاء
للتعليقات الساخرة، بل والحرب اللفظية بين مؤيديه ومنتقديه، هبطت احيانا الى مستوى
غير لائق.
اما اللقاء مع الاعلاميين فكان مليئا بالمشاكل التي بدت طبيعية بالنسبة لشخص غير
سياسي يواجه فريقا من الاعلاميين، سعى اغلبهم لاستخدام اللقاء لاستعراض تحليلاتهم
وارائهم او هواجسهم، او التباهي باتصالاتهم وانجازاتهم.
ورغم تعرض تسجيل اللقاء الذي استمر لخمس ساعات الى عمليات تقطيع واسعة اطاحت
بثلثيه، فقد بدا الباقي منه ‘مهلهلا’ ومليئا بمواقف غير مدروسة وتعبيرات ستكون
‘ذخيرة’ لخصوم المشير الكثيرين في الفترة المقبلة.
وهذه قراءة سريعة لبعض تلك المشاكل.
- شدد المشير على ان الوضع الامني (جيد جدا) مقارنة مع التحديات التي تواجهها
البلاد، رغم ان حديثه جاء بعد ساعات قليلة من ‘جمعة الانفجارات’ التي قتل فيها ستة
مواطنين مصريين على الاقل بهجمات ارهابية استهدفت عمالا مدنيين وعناصر في الشرطة
والجيش، وامتدت من جنوب سيناء الى منطقة رمسيس في قلب القاهرة. ويعني هذا نظريا انه
على المصريين ان يتوقعوا المزيد من التدهور الامني قبل ان يقر رئيسهم الجديد بوجود
مشكلة امنية وبالتالي يبدأ في البحث عن وسيلة لمواجهتها. وهذا موقف كارثي لاهالي
الضحايا، والملايين من المتضررين من ‘الحال الواقف’ والركود الاقتصادي الهائل بسبب
الاضطرابات.
- كشف حديث السيسي عدم امتلاكه رؤية سياسية محددة لاستعادة الاستقرار، ما يعني
استمرار النهج الحالي للنظام. ورغم انه تعهد ‘بعدم اقصاء احد’، الا انه اعلن عمليا
اقصاء جماعة ‘الاخوان’ عندما استبعد اي مصالحة معهم، بل وقال انه ‘سيحاججهم امام
الله يوم القيامة’، وفي موضع اخر اكد انهم ‘لا يملكون اي فرصة للعودة بسبب رفض
الرأي العام لهم، ما يعني انها نهايتهم ليس في مصر فقط ولكن في العالم العربي الذي
تمثل مصر ثلثه’، حسب تعبيره.
- لا يتعارض هذا الخطاب ‘العدمي’ مع حديث ‘المشاركة السياسية فحسب بل انه يؤسس
لمزيد من الاستقطاب السياسي، وربما يمهد لاستثمار التدهور الامني المتوقع في تمرير
سياسات تعمل على تكميم الافواه، وهو ما لمح اليه عندما شدد على اهمية وجود
‘استراتيجية اعلامية للدولة’ ردا على سؤال بشأن ‘حرية الاعلام’، ثم وجه كلاما مهينا
الى احد الاعلاميين عندما قال ‘اسمع هذا الكلام لانك هتشتغل عليه’.
- افرط المشير في استخدام الخطاب الديني في الاجابة عن اسئلة تتعلق بصراع سياسي
معقد، الا ان قليلين من الحاضرين الذين كانوا ينتقدون الرئيس المعزول محمد مرسي
للسبب نفسه، انتقد قول ‘الرئيس المنتظر’ انه (محسوب على الله والمصريين) مع ان هذا
يجعله بشكل واضح فوق المحاسبة السياسية بل والبشرية اصلا.
- كان ‘الحل السحري’ الذي قدمه المشير لمشكلة نقص الكهرباء الخطيرة التي تواجهها
مصر، ومن المتوقع ان تتفاقم مع دخول الصيف، هو الاستعانة بـ ‘المصابيح الموفرة
للطاقة’، الا انه تجاهل ان كثيرين لن يتمكنوا من شرائها، كما انها لا يمكن ان تمثل
خطة حقيقية لمعالجة هكذا ازمة، خاصة ان مصر، وفي ظل الازمة، تلقت مساعدات خليجية من
الوقود فقط بلغت ستة مليارات دولار منذ تموز/يوليو الماضي. فهل هذا وضع قابل
للاستمرار. وللحديث بقية.
القدس العربي
Navigate through the articles | |
بداية ساخنة للسبــــاق الرئاسي في مصر | ماذا ستفعل "انصار بيت المقدس" في مصر ؟ |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|